قبل ستة أشهر نظمت مجموعة من الجنود الإسرائيليين الذين يرفضون الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة معرضا تحت عنوان (كسر الصمت) شكل مجموعة شهادات عن الوحشية الهائلة التي يتعامل بها الجنود الإسرائيليون مع الفلسطينيين والتي شاهدها هؤلاء الجنود بأنفسهم أثناء خدمتهم العسكرية.
وكان رد رئيس الأركان الإسرائيلي هو إرسال أفراد من الشرطة العسكرية إلى المعرض لمصادرة المواد المعروضة.
ورغم مرور ستة أشهر لم يصدر عن الجيش ما يشير إلى خروج الجيش من هذه الفضيحة بأي دروس مستفادة أو اتخاذه لخطوات قانونية لمحاسبة الأفراد الذين تورطوا في هذه الأعمال الوحشية ضد الفلسطينيين.
ونعتقد أن أي شخص شعر بالمفاجأة عندما قرأ شهادات شهود العيان التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية عن قيام الجنود الإسرائيليين بالتمثيل بجثث الفلسطينيين وإهانة المدنيين الأبرياء هو شخص ما زال يتصور أن الجيش الإسرائيلي هو أفضل جيوش العالم أخلاقا!!! ولكن الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي مثل أي قوة احتلال في العالم يستخدم كل الوسائل غير الأخلاقية مع الشعب المحتل. وأي تصور آخر غير ذلك إنما هو نتيجة إما الجهل أو التجاهل لكل ما يحدث بالفعل في الأراضي المحتلة.
ووفقا للشهادات التي نشرتها صحيفة (يديعوت أحرونوت) ومواقع إنترنت أخرى فإن هذه الممارسات الوحشية من جانب الجنود الإسرائيليين ليست قاصرة على وحدة معينة من وحدات الجيش وإنما هي سلوك عام بين أغلب الوحدات العسكرية الإسرائيلية.
والشعار الذي يتبناه أغلب الجنود الإسرائيليون في التعامل مع الفلسطينيين هو (تأكد من قتله) أي إطلاق النار على الفلسطيني الجريح من مسافة قريبة للغاية رغم التأكد من أن هذا الجريح لم يعد يشكل تهديدا للجنود حيث يلهو الجنود بجثث الضحايا أثناء تصويرهم بالكاميرات. بل وصل الأمر إلى اللهو برأس قتيل فلسطيني مقطوع تتدلى منها سيجارة. كل هذه الأعمال الوحشية يمارسها الجيش الإسرائيلي.
إذا لم تتحرك القيادة الإسرائيلية من أجل التحقيق في مثل هذه الوقائع الرهيبة فسوف يصبح الحديث عن قانون الحرب الأخلاقية ونقاء الجيش الإسرائيلي مجرد شعارات فارغة.
وفي تعليقه على ما نشرته يديعوت أحرونوت قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجنود يعملون في ظل (واقع معقد) وهو ما يعني تفهما وتبريرا للسلوك الوحشي للجنود. ولكن الحقيقة تقول: إن الجنود الإسرائيليين يعملون في ظل واقع بسيط للغاية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فعلى مدى عشرات السنين يتصرف الجنود والمستوطنون اليهود كما يحلو لهم في الأراضي المحتلة في حين تتراجع صورة الفلسطينيين كبشر لهم حقوقهم التي يجب احترامها.
وقد وصلت عملية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم إلى ذروتها خلال السنوات الأربع الأخيرة وبالتالي فإن الجنود الإسرائيليين لم يعودوا يشعرون بأي احترام لروح الفلسطيني أو حتى جسده بعد قتله.
فالضابط الإسرائيلي له مطلق الحرية في هدم صف كامل من منازل الفلسطينيين واقتلاع أي مساحة من الأشجار وتدمير السيارات بالدبابات وبناء الجدران العازلة. كما يحق لهذا القائد قتل أي طفل أو مدني فلسطيني دون أن يخشى المساءلة.
والحقيقة أن امتهان جثث القتلى الفلسطينيين قضية مروعة للغاية لأنه يحدث في الوقت الذي يحرص فيه الإسرائيليون على تكريم جثث الموتى اليهود لدرجة البحث عن أي جزء من أي جثة ليهود من أجل دفنها وفقا للشعائر الدينية.
والحقيقة أن ظهور وقائع سياسية جديدة على الأرض في المناطق الفلسطينية المحتلة هو الذي يمكن أن يعيد الكرامة الإنسانية للفلسطيني في عين الإسرائيليين. ولكن إلى أن يحدث هذا يجب على الجيش الإسرائيلي العمل من أجل إيجاد مناخ جديد بين صفوفه يفرض على أفراده الالتزام بالقوانين الدولية والإنسانية. ويجب التحرك على الفور من أجل معاقبة كل من تورط في هذه الممارسات الوحشية ضد الفلسطينيين مهما كانت رتبته داخل الجيش الإسرائيلي.
(هارتس) العبرية |