Saturday 27th November,200411748العددالسبت 15 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

لا مكان للحمائم في الإدارة الأمريكية! لا مكان للحمائم في الإدارة الأمريكية!

استقالة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول وتعيين كونداليزا رايس بدلا منه جاءت في وقت مثير للكثير من الأسئلة على المستويين الداخلي والخارجي، جاءت لتكشف الوضع الجديد الذي يسود الإدارة الأمريكية الراهنة.. فالانتخابات الأمريكية الأخيرة مهما قيل عنها ومهما كانت الظروف (الخاصة جدا) التي سادتها إلا أنها صنعت في النهاية ما أسماه الأوروبيون بالكابوس الدولي المستمر.
عودة المنتصر جورج بوش إلى البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى جعلت العالم يعتقد أن الشعب الأمريكي يريد فعلا هذه الإدارة، وأنه (أي الشعب الأمريكي) يساند القرارات الخطيرة التي اتخذها من قبل وسيتخذها الرئيس الأمريكي بوش من بعد على المستويين الداخلي والخارجي. لكن استقالة ثلاثة وزراء أمريكيين قبل أسبوع واستقالة كولن باول، واستقالات أخرى تبدو في الأفق آتية، تعكس في الحقيقة أن إدارة جورج دبليو بوش تريد أن تغير الوجوه التي أبدت في السابق (بعض التعاطف) مع الدول الأخرى.
كولن باول ارتكب في نظر الجمهوريين خطأ فادحا حين عبّر بالدموع الصريحة عن (تأثره الكبير والبالغ) مع عائلات الجنود الأمريكيين الذين قضوا في العراق، وكان تأثره (الكبير) بمثابة الإعلان الصريح لعائلاتهم أن الإدارة الأمريكية تتحمل بشكل مباشر مسؤولية موتهم بإرسالهم إلى آخر العالم للدفاع عن (قضية خاسرة) لا تعني الشعب الأمريكي كثيرا (69% من الأمريكيين عبروا ل (الواشنطن بوست) أن الحرب الأمريكية في العراق لا اسم لها ولا تعني مستقبل أمريكا ولا تحمي مصالح الأمريكيين في الخارج) باعتبار أن المصالح الأمريكية في العراق هي مصالح حفنة من المسؤولين الذين يعترفون أنه صارت لديهم حقوق عسكرية واقتصادية في العراق بموجب (التضحيات الجسيمة) التي يقدمها الجنود الأمريكيون لأجل (تكريس ثقافة الديمقراطية) التي لا تخفيها تلك المصالح نفسها بموجب أنابيب البترول التي ستستثمرها شركات تديرها شخصيات من صقور البيت الأبيض مثل (ديك تشيني) و(بول ولفوفيتز) وغيرهما. كولن باول هو الجانب المعتدل في خانة ما يوصف بحمائم البيت الأبيض، والذي عارض الصقور في طريقة صياغتهم للحرب بتلك الطريقة مثلما تعاطف مع أهالي الجنود بتلك الطريقة أيضا، والحال أن الاستقالة ليست في النهاية استقالة بالمعنى المتعارف عليه، بل تصفيات يقوم بها الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي يريد اليوم أن يمارس (سلطته الشرعية) التي منحها له الشعب الأمريكي في الانتخابات الأخيرة.
جورج بوش يريد (إصلاح العالم بطريقته) الخاصة، يريد (تنظيف) الكون بلغة القنابل والحروب المباغتة على طريقة سينما هوليود، والحال أن الحرب الداخلية بدأت الآن على شكل (استقالات) مست الوجوه التي بدت على الرغم من كل شيء معتدلة أكثر من غيرها.. الصراعات التي تظهر إلى السطح داخل الولايات المتحدة هي صراعات قوة (وقوة مطلقة)، لأجل فتح جبهات خارجية لن يكون فيها مكان لعبارة (لا يمكن). أمريكا التي تواجه (تجربة قاسية) في العراق تريد قيادة العالم بأسلوب الأمر الذي لا يقبل النقاش، والسنوات الأربع القادمة بقيادة الجمهوريين المتطرفين ستكون صعبة على الجميع، بمن فيهم الأمريكيون الذين سيجدون أنفسهم أمام واقع الحرب والحرب المضادة لأجل مصالح يؤمن الشعب الأمريكي أنها لا تعنيهم، بل تورطهم!

(اللوموند) الفرنسية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved