لماذا نحب الأغنية الشعبية، أو بالأحرى ماذا يشدنا الى الأغنية الشعبية.. مما لا شك فيه ان السبب لكونها شعبية نابعة من صميم واقعنا ولكونها تعبر عن إرهاصاتنا..
لحنها.. كلماتها.. مرونة أدائها.. هي الحبل المتين الذي يصل هذا الفن الى مسامع الشعب بمختلف طبقاته.. وبتفاوت مستوياته.. لقد حاول الكثير من فنانينا أن يغيروا واقع الأغنية الشعبية بل زحزحة عروقها الرابضة في أعماقنا.. المتأصلة في نفوسنا.. فما تحقق لهم ما أرادوا.. وباءت تلك المحاولات بالفشل لعقمها.
كثير من فنانينا حاول مجتهداً أن يأخذ بالأغنية السعودية الى ميدان مزدحم.. فكانت تلك المحاولات مجرد (غلطة) أو بالأحرى (علقة) فنية لن يعودوا اليها.. إن الكويت القطر الشقيق الذي يستطيع ان يبرز هوية فنه أمام تيارات الفنون العربية الأخرى عانى مما نعاني حتى استقر رأي رواد فنه على اللون الشعبي.. وتطويره.. ولست اعني هنا اللون الشعبي مطالباً بالتقيد ببعض الألوان الشعبية دون التجديد.. إذ لا بد من التجديد حتى تستسيغها الأذن وتلاحق تطورها.. ان من يسمع أغنية (يا معيريس) وأهلاً يأبو قنله ويا ساهر الليل.. وسرى الليل - ليؤكد ارتباط هذه الأعمال بالخليج العربي.
ولكن قد تعاني الكلمة الشعبية معضلة كبرى.. هي مشكلة إجازة النص.. إذ إن معظم الكلمات الشعبية السهلة قد لا يفقه (المجيزون) معناها.. وهنا يبتر جزء مهم من أعضائها.
أتذكر فشل أحد فنانينا عندما حاول أن يحور في لهجته ونطق (عذالي) بعزالي.. فاستخف الناس فعلته.. وعزالي بالمعنى الشعبي تختلف عن معنى عذالي.. إن تبلور العمل الشعبي لا بد وأن ينبع من روح الشاعر قبل الملحن.
|