Friday 26th November,200411747العددالجمعة 14 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مدارات شعبية"

بوح الذاكرة (2) بوح الذاكرة (2)
وقفات في حياة منديل بن محمد الفهيد
بقلم/ إبراهيم اليوسف

كان بين كل من منديل الفهيد - رحمه الله - وكثيرمن الشعراء مداعبات ذكرنا بعضاً منهم بالجزء الأول.
وفي هذا الجزء نذكر أيضاً بعضاً منهم: كان قبل ثلاثين سنة بينه وبين سليمان الخضير وعبدالكريم الأصقة صداقة حميمة وكل واحد يحب للثاني مثل ما يحب لنفسه.
وبإرادة الله تو فيت زوجة صديقهما سليمان الخضير، وبعد مدة تزوج، وأحب عبدالكريم الأصقة أن يبارك له بالزواج بأبيات من الشعر ومن ثم يرد عليه منديل..
عبدالكريم كان متزوجاً وأخذ عشرين سنة لم يرزق بأولاد، فقال عبدالكريم الأصقة أبياتاً يسندها على سليم الخضير.. يقول:


مبروك يا سليم اليوم عندك وليده
عساه يا سليمان لك ناصية خير
عساك دور اليوم عندك وليده
آمين يا سليمان وتسمي خضير
عساه تصفي لك على ما تريده
الله يجمع بينكم بالمنا عير
الله يساعد كل راعي جديده
لعاد جاري له عذاب وعواثير
مثل العليل اللي بلع له حديده
عشرين عامٍ ما تلوه المصاغير(1)
ما شاف في دنياه غير النكيده
يقنص بعش ما بوسطه عصافير
لا صرت ما ترجي ورى الحجر صيده
هموز ريش مقتفيهن معاصير
يا سليم اقبل عايبات القصيده
وإلا البيوت الصالحه كلها خير

منديل يوم اطلع على القصيدة أجابه نيابة عن سليم الخضير:


مشكور يا راع العلوم الحميده
راع الحميه بالقفا والمحاضير
بعرفٍ ومعروف ووصل البديده
وطاعة لرب الخلق يرجي بها خير
حمولته بدع المثل ما يكيده
يصرخون معو سر القيل تصخير
مشكور يا من لي طلب بالنشيده
مقبول شورك يا عشير المسايير
وأمثالك اللي قلت كله وكيده
أحسن من أطباب بعضها تزاوير
قالوا ورى الهدهد بفخ نصيده
وشوفه بوسط القاع طول المناقير
هذي مقاسيم من الله مريده
قل البصر يعميه حكم المقادير
أفعل سبب والله يدبر عبيده
هذي سوات الناس ورد ومصادير

أما الشاعر محسن بن حميدان الوسيدي من الوسده من قبيلة حرب فهو في عام 1364 قال أبياتاً وأرسلها إلى منديل يقول فيها:


البارحة نامت عيون الدهايا
وأنا أتململ كن عضمي كسيري
من هاجسٍ بالقلب ما ينتنايا
انحا كما سيل الشفا للمسيري
يا الله ياللي عالمٍ بالخفايا
يا واحد بأحوال عبده خبيري
بالبر سخرت لعبيدك مطايا
واجريت سفن مع ظلام الغزيري
إلطف بحالٍ ما بقا به بقايا
انت الذي من كل كرب تجيري
أشكي على منديل ريف الونايا
منديل زبن اللي جواده عثيري
واعم فيها أهل الصخا والحمايا
عيال الفهيد مخضبين الشطيري
لباسة الجوخ الحمر للمنايا
ذيب السرايا عن لقاهم ينيري
أبديت أنا شكواي لأهل الشكايا
أبو محمد للشكايا بصيري
أنا بليت بحب زين الحلايا
وده رماني وأشهد إني خطيري
أبو عيون به سهوم المنايا
عيون خرشاً رفرفت للمطيري
أبو ثمان بين حمر الشفايا
مثل اللوالو في سلوك الحريري
مع زين وصفه فيه زين السجايا
حلفت أنا ما أحط دونه عشيري
هذا وأنا أرجي من جزيل العطايا
يجعل لنا بهداه نورٍ سفيري
وصلوا على المعصوم خير البرايا
اللي من المعبود جانا نذيري

وعندما وصلت الأبيات إلى منديل الفهيد أجابه قائلاً:


حي الكتاب اللي بيوته ملايا
من فاهمٍ بالقيل ذرف بصيري
حيه عدد ما يثمرن الودا يا
عد السهال وعد نبت زهيري
باللي من الهجره دفع لي شكايا
محسن حجا للجار والمستجيري
وأثنى هل البلها وساع النحايا
هل السموت مدلهين القصيري
تشكي وأنا فكري قليل الدرايا
ياخوك فكري قاصر وتعبيري
والعشق معنا ما بقاله بقايا
ويذكر مع اللي يبتون الحجيري
العشق يذكرله دروب فضايا
من حال والآحال دربه عسيري
بالزرق والمغري ودفع المطايا
والفن والحيله وكتم السريري
وقصر القدم واحذرك كثر الوصايا
والذيب يرمس بالصغر والأخيري
هذا والا ريا به سمان وعرايا
بذلت لك رايٍ ولو هو حقيري
وان كان ما عندك فزوع وحمايا
ازبن على اللي يحتمون النشيري
اخوان حسنا مشبعين القوايا(2)
أهل المواقف بالنهار الكبيري
جلال صلب الراي جزل العطايا(3)
مركي على كبد المعادي صهيري
والا بني سالم اكعام العدايا
أهل مناخ ولا ضروا للمنيري
وانشدك عن بنت تخلص قضايا(4)
تضم حمل ولا ذكر به دريري
عذر وبها تترك عياله قوايا
ما منهم اللي يتبعه بالمسيري

وأيضاً كان بين منديل وسليم العيد مراسلات ومنادمات في سنة من السنين أرسل سليم إلى منديل كتاباً وتأخر الجواب من منديل، وأحب أنه يقول أبيات


يسندها على منديل كمداعبة
قال: يا بو محمد كان خطي قريتوه
فانا على رده حريص ومشتاق
أعد له من راح لين استلمتوه
ما زل يوم ما تطلعت الافاق
لا جاكم المضيوم فأنتم منحتوه
وانا صوابي ناشر مخة الساق
فأجابه منديل الفهيد، فقال :
يا بو عبيد ما أنت بالرد مسفوه
عذري من الغيبه وللهرج مصداق
تكفيني الشاره بخطٍ ذكرتوه
من طاعم الليمون يكفيه ما ذاق
دارت رحا الرابع وما شفت شفتوه
من حادثات بالدهر جل ودقاق

وعندما اطلع سليم على رد منديل ما يزال متأثراً من تأخير الجواب من منديل وقال سليم:


واخطى اللي راح له سبع أسابيع
مدري غداً وإلا قليل وفوقه
لو به طمع قلنا خذوه الطما ميع
والا تحير ناقله عاق عوقه
ورد على هداج مسقي القواطيع
ماهو على رسن قليل غبوقه
منديل وا قلبي كثيرا لرواميع
من كثر ما يدلاه يبست عروقه
لولاي أدل البيت مخطور أضيع
نشرب هماج وزادنا ما نذوقه

فأجابه منديل قائلاً:


حي الكتاب اللي عليه الطوابيع
أعداد ما هل المطر من حقوقه
احلا من البارد عذي القراطيع
في ساعة والكبد تقل محروقه
من صاحب يرجي المدد والمفازيع
نفرح لهم بالزاد لو ما نذوقه
ربعتها يا قرم الأولاد تربيع
ندى الجهد والراي والمال أسوقه
أن كان ذكرك يقبل السوم والبيع
ترى الحرق بالهدم تكثر اشقوقه
وان كان كد حامت عليه المراضيع
فالشك يلحق من تردد بسوقه
والطير لا عاود الصيد الجرابيع
لا تامنه لازم يقطع اسبوقه

من مدة سبع أو ثمان سنوات كثر الجدال عن الشعر الشعبي ، منهم من يسميه الشعر النبطي، ومنهم من يسميه الشعر العامي، ومنهم من يسميه الشعر الشعبي أو الشعر البدوي، وكثر الجدال بهذا الموضوع.. وقال منديل الفهيد قصيدة حول هذا الموضوع وتسمية الشعر.


قال من قاس المعاني بالمثل
وإلى بدا المعنا يباريه الزمل
يخاف من نقد الحسود المغرض
والآدمي متعرضٍ طرق الزلل
قد قيل في عين الرضا والمبغض
تبدي المساوي ذي وذي فيها كلل
الزود هو والنقص من عند الله
والآدمي ما هو معز ولا مذل
اعنز على الله وانس ما قالوا جميع
واتعب على كسب المعالي والعمل
الناس مشكاهم على خالقهم
وسيل النحاما ظنتي أنه ينعدل
إن قلت أبنصح ذا وابقنع مخطي
فتحت باب للمزيد من الجدل
الشعر قد قالوه ناس قبلنا
جزل ومتوسط وبه ضعف وعلل
سلبي ومسروق وفيه مكرر
وضعف ونقص أوزان مع كثر الخلل
ومردد المعنا بخلف القافيه
معناه واحد ظاهر مع ما دخل
سبعة عشر عدة بحوره أو تزيد
من كل نوع وفيه سجع وبه زجل
واللي يسمي الحر ذا عنهن بعيد
منثور لا وزنٍ ولا له مستهل
من عجز عن سبك المعاني والبحور
الجزل ما يقواه عود للهمل
به شاعر يجري ولا يجري معه
صعب المعاني صاخرٍ له من جبل
يبصرك بالخافي ويفتح لك طريق
يفتح لك أبواب تخلص من وحل
يجيب لك بيت على المعنا غريب
ويبقى إلى التالي مع العالم مثل
الشعر أدبنا واسمه الشعبي صحيح
بادي مع أولنا وفينا لم يزل
واللي يسميه النبط ماله دليل
هذا لغتنا واضح المعنا عدل
هالاسم لا معنا ولا هو مستحب
ياهل المعرفة علمو به من جهل
يستعملونه للحقوق وللحروب
انشد عن العوني وشعره وش فعل
تاريخ يثبت للحوادث والمحيط
شواهد المعنا وفيها يستدل
يوقظ الغافل ويدرك به حقوق
ويخلص المشكل إلى قال وفصل
ويبقى مع الباقي كما نقش الحجر
شواهد السيره وفيها مستهل
لوله عوارف مثل فعل الأولين
للنقد والتنقيح عن سرق وهزل
ما ينشر إلا بعد ما يشرف عليه
ينشر ويطبع عقب ما صح وكمل
وياخذ مكان لا يق به من قديم
ما قيل به ضعف ولا قالوا نزل
ارجي من القاري لها غض النظر
القيل به قاصر وفيه المعتدل
خذ ما تراه وترك اللي ما يجوز
وان شفت فيه قصور سدد للخلل
هذا وصلى الله على سيد قريش
أعداد ما وبلٍ على البيداء نزل

الشاعر عبدالعزيز بن عبدالرحمن الصالح الناصر من الزلفي شاعر متمكن مألوف الجواب، إلا أنه بعيد عن الإعلام والصحافة عندما علم عن وفاة منديل الفهيد - رحمه الله - قال أبياتاً يرثيه ويدعو له بالرحمة والمغفرة يقول فيها:


يا هل الشعر والشعار صبر جميل
والله المستعان المتصف بالدوام
الأجل ما يؤجل لو نحط ونشيل
والزمان يتقلب والمنايا حيام
بأخر الثلث الأوسط من شهرنا الفضيل
ساع فضنا من المسجد صلاة القيام
عم جو الكدر والله علينا وكيل
وجو الأفكار ينتابه عجاج وعسام
صم الآذان علمٍ للمسامع يهيل
من سمع به حريٍ ما يذوق المنام
عن وفاة الروايه عن وفاة الأصيل
عن وفاة القريب الشهم نسل الكرام
الفجيعة كبيرة والمصاب الجليل
فيك يالاسعدي منديل عالي المقام
يا عميد الرواية وين نلقى البديل
يرحم الله رجلٍ له دعا بالرحام
همزة الوصل يربط بين جيل وجيل
بين الأجداد والاحفاد نعم الإمام
ما يضيف الكلام اللي بليا دليل
غير يبراه شاهد مثل بدر التمام
جامع بين راوي بين شاعر جزيل
الأدب من ثراه أثرى وبلغ المرام
أحسن الله عزانا كلنا في سهيل
فيك بالاسعدي منديل عال المقام

*****
(1) يقصد نفسه لأنه أخذ عشرين سنة
لم يرزق بأولاد، ثم تزوج ثانية ورزقه الله
بأولاد أفاضل صالحين..
(2) اخوان حسنا أسرة الفروم من حرب
والشاعر يقصد اخو حسنا محسن الفرم وابنه
جلال وبين سالم من حرب
(3) يقصد جلال بن محسن الفرم.
(4) يقصد البندق - عياله الصفره تظهر منها
الفشقة وهي تبقى.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved