Friday 26th November,200411747العددالجمعة 14 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

منتزه القصيم الوطني (عريق الطرفية) يحتضر، فهل من منقذ؟ منتزه القصيم الوطني (عريق الطرفية) يحتضر، فهل من منقذ؟
إبراهيم بن صالح الربدي/ القصيم - بريدة

كلنا يتطلع إلى تنمية السياحة الداخلية ومن أهم مقوماتها المحافظة على البيئة الطبيعية، وتوفير الأماكن المناسبة التي يميل إليها الناس وتتناسب مع طبيعة حياتهم وهواياتهم وبيئتهم ومناخ منطقتهم. لقد نجحت مدن ومحافظات منطقة القصيم في تنظيم برامج سياحية جدية خلال صيف هذا العام وذلك بتضافر مجهودات الرجال والمال، وقد رافق ذلك دعاية كبيرة جداً، وفتحت معظم المنشآت الحيوية وغيرها، وتم استقطاب ثلة من رجال الفكر والثقافة لتعزيز نجاح موسم فيه كثير من العوائق وعلى رأسها درجة الحرارة المرتفعة والجفاف، وكل ذلك بذل لموسم سياحي قصير نسبياً (4-6 أسابيع) ولقيت مثل هذه البرامج تشجيعاً ومساندة كبيرة من المسؤولين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، مما ساعد على نجاحها وتفوقها. وفي المقابل هناك موسم طويل نسبياً قد يمتد مابين 4-6 أشهر، معتدل الحرارة، وممطر، وتجمله السحب والمزن وتقلبات جوية جذابة تهيج النفوس وتدخل السرور على الجميع، وتنمو خلاله الأعشاب، وتخضر الأرض إذا أنزل الله عليها الغيث، موسم تتخلله إجازات الأعياد والربيع، أعني بذلك موسم الرحلات البرية والتنزه الطبيعي خلال فصلي الشتاء والربيع، ومع ذلك لم يبذل لذلك أي شيء يذكر لتنمية السياحة الداخلية خلال موسم هذا العام. ومن المعلوم أن غالبية سكان المدن الصحراوية يعشقون الرحلات البرية، والتجول على وبين رمالها الذهبية وأعشابها ونباتاتها الفصلية وهذا ما نلمسه في بداية كل موسم مطير. وقد يتكبد بعض الناس السفر لمسافات بعيدة للوصول إلى أماكن مناسبة ونظيفة لقضاء إجازة نهاية الأسبوع خلال موسم الربيع والشتاء، بسبب ما تعرضت له المناطق الرملية وأماكن التنزه الطبيعية القريبة من المدن من تدمير نتيجة للزحف العمراني للمدن، وتحول بعضها إلى مزارع خاصة تحيط بها الحواجز الترابية (العقوم) أو الحديدية (الشبوك). وبعد هذه المقدمة، أقول إن ما دعاني إلى الكتابة عن هذا الموضوع هو ما أصبحت تعاني منه مدينة بريدة من عدم توفر أماكن قريبة ومناسبة للتنزه البري، بسبب تمددها العمراني، وزحف المزارع على منتزهاتها الطبيعية القديمة. لقد كانت الخيارات أمام سكان المدينة وزوارها في الماضي القريب متعددة، ففي الغرب منها كانت الأراضي المستوية ذات الأفق الواسع (جرد) المليدا الجملية، وفي الشمال كانت رياض البطين، وفي الجنوب كانت رمال نفود الغميس، وفي الشرق نفود الضاحي، والعفجة والركية، وعريق الطرفية الخ.. أما اليوم فَجُلّ هذه الأماكن ضيق عليها بسبب امتداد العمران إليها أو إقامة منشآت حكومية أو مزارع خاصة.
عريق الطرفية أو العريق (والذي بذل أهالي الطرفية جهداً جباراً ومشكوراً للمحافظة عليه كملكية عامة ومرعى طبيعي وبذلك أدوا ما عليهم وبقي دور المؤسسات الرسمية لتكمل المشوار للمحافظة عليه كمنتزه وطني) اسم عرفه الناس واشتهر بينهم بأنه أفضل أقرب المناطق الرملية لمدينة بريدة في الوقت الحالي لقضاء إجازة الأسبوع وإجازة الربيع وإقامة المخيمات، وذلك بسبب قربه من المدينة، لكن هذا المكان الذي أصبح يسمى رسمياً (المنتزه الوطني بالقصيم)، يحمل اسماً أكبر من واقعه وحاله، إنه منتزه طبيعي بدأ يحتضر، نتيجة ما ناله من إهمال رغم أنه جزء من بيئتنا الطبيعية وجزء من تاريخ بلادنا (حيث وقعت في محيطه معركة الصريف الشهيرة 1318هـ)، هذا المنتزه يحتضر رغم أنه يستقطب أعداداً كبيرة من السياح والمتنزهين.
إن تنظيم وحماية المنتزه وجعله جزءا من منظومة السياحة الداخلية الشتوية والربيعية، سوف يكون عملاً ضرورياً، وسوف يتيح فرص عمل رائعة وخاصة لفئة الشباب مثل أكشاك البيع وتأجير الدبابات وبيع الحطب والفحم وتأجير المخيمات وغيرها كثير... فضلاً عن توفير مكان نظيف ومناسب للتنزه.
لقد قام بعض المهتمين بالتنزه بعمل إحصائية لعدد المخيمات التي تقام في عريق الطرفية خلال فصل الشتاء والربيع الماضيين وقدرها بأكثر من 120 مخيماً ثابتاً، فضلاً عن رحلات التنزه اليومية (الكشتات)، والتي يقدر عددها بثلاثة أضعاف الرقم السابق، كما أن حركة السيارات الترددية في يومي الخميس والجمعة وفي أيام الأعياد والإجازات تصل إلى ثلاثة آلاف سيارة كحركة ترددية. وتستمر بعض هذه المخيمات والزيارات اليومية ما بين ثلاثة وستة أشهر (من نوفمبر وحتى أبريل)، رغم كل ذلك فكثير من الخدمات الأساسية مفقودة مثل المرور والدوريات والهلال الأحمر، أما الخدمات البلدية فتكاد تكون رمزية، أما وزارة الزراعة فليس لها سوى الاسم على لوحة المنتزه، ومصلحة المياه والصرف الصحي تشارك بخزاني ماء، ماء الثرى أقرب إلينا من مائهما، حيث إنها خالية أغلبية أيام الموسم. أما وزارة النقل ممثلة بمكتبها بالقصيم فيبدو أنها لا تعلم بهذا المكان وأنه قرب أكبر التجمعات السكانية في المنطقة، وأن عدد من يترددون عليه خلال المواسم ليسوا بحاجة لطرق مناسبة وآمنة تخدمهم.وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس لها وجود رغم الحاجة إليها، والبيئيون ومشجعو السياحة صامتون، رغم أنها سياحة نقية ومجدية لا تحتاج إلى دعاية أو استقطاب إنما هو تجمع فطري يتوافق وميول الناس بجميع طبقاتهم وفئاتهم العمرية من الطفل الذي يحبو على التراب حتى الكهل الذي يجد أنساً في الجلوس على الرمل وشم رائحة الثرى والتمتع بالنباتات الربيعية الجميلة، ويسعد الجميع بالجلوس حول النار خلال ليالي الشتاء.
إذاً المطلوب استغلال أهمية هذا المنتزه وشعبيته وقربه من المدينة وتنظيمه من قبل المعنيين، ومساهمة مني في ذلك أقدم بعض الحلول والمقترحات لما تقدم ولعل القراء وأصحاب الشأن والرأي يشاركوننا ببعض الحلول والمقترحات فرأي الجماعة هو الرأي، والمسؤولية جماعية كما أن الفائدة والمردود للوطن ولكل فئات المجتمع. ومن الحلول والمقترحات مايلي: أولاً: تحديد الجهة أو الجهات المسؤولة عن هذا المنتزه، هل هي بلدية مدينة بريدة أم وزارة الزراعة، أم هيئة الحياة الفطرية، أم الهيئة العليا للسياحة، أم غيرها فليس معلوماً لدى عامة الناس من هي الجهة المسؤولة؟. أو كيفية التنسيق بين الجهة المسؤولة والجهات التنظيمية الأخرى. وكون بلدية بريدة بادرت بجهود رمزية لايعني أنها المسؤولة عن مثل هذا المنتزه خاصة وأنها تتحمل أعباء كبيرة داخل المدينة إن ما قامت به مجرد إسعاف وإنعاش لمصاب.
ثانياً: تشكيل مجلس إدارة لهذا المنتزه من الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتطويره وحمايته من التدمير. ولتكن هذه التجربة في هذا المنتزه المهدد بالتدمير، وربما يمكن تطبيقها على غيره في المنطقة أو المناطق الأخرى.
ثالثاً: تحديد حدود المنتزه بشكل دقيق وعمل رفع مساحي له ووضع علامات واضحة لذلك لمنع التعديات وغيرها، ليبقى ضمن الملكيات العامة تستفيد منه الأجيال الحالية والقادمة.
رابعاً: هناك مواقع ذات أهمية كبرى يمكن استغلالها مثل موقع مصفاة القصيم الملغاة- إلا إذا كان لدى شركة أرامكو نية لإعادة بناء المصفاة في المستقبل القريب- والمجاورة للمنتزه، ففيها بعض التجهيزات التي يمكن توظيفها لخدمة المنتزه، وسيكون عملاً جليلاً ورائعاً لو تم العمل والسعي الجدي لإدخال أراضي المصفاة ضمن حدود المنتزه، وهنا دعوة موجهة لشركة أرامكو للمساهمة في تأهيل أرض المصفاة لاستخدامها كجزء من المنتزه حتى يحين وقت الحاجة لها.
خامساً: تدخل وزارة النقل بسرعة لإصلاح الطريق الحالي ووضع مسار آخر له، قبل أن تروح الروح وتحدث مآتم. فعليها تقع مسؤولية كبرى فهي قامت بتوصيل طريق لا يتوفر فيه أدنى حد من المواصفات أو وسائل السلامة رغم أهميته مع العلم أن طوله 12 كم فهو ضيق وخال من الإرشادات ومتعرج ويقطعه بعض المجاري المائية وبعض المنزلقات وتكاد السيارات في أيام الموسم أن تحتك ببعضها وأن تلتقي وجها لوجه لكثافة الحركة المرورية.
وليس ما يطلبه مرتادو هذا المنتزه وأهالي المنطقة من وزارة النقل مجرد تحسين الطريق الحالي فقط، بل الحاجة ماسة إلى ربط المنتزه بدائري بريدة الشرقي عن طريق عسيلان، وهو امتداد لطريق الملك فهد، فهذا الطريق سوف يخدم الجزء الجنوبي من المنتزه، ويخفف الازدحام عن طريق الطرفية الأسياح، وكذلك سوف يربط هذا الطريق بين ميدان سباق الخيل في النقيب وميدان سباق الهجن في المنتزه الوطني بالقصيم.
سادساً: وضع تنظيم وترتيب بهدف رفع درجة الاستفادة منه وحمايته من التدمير ومن ذلك:
1- إقامة مجمع للدوائر الحكومية المعنية على هيئة خيام أو غرف جاهزة عند مدخل المنتزه تعمل خلال الموسم وتتوفر فيها خدمات مثل: مكتب للبلدية، ومكتب لوزارة المياه، ومكتب لوزارة التربية والتعليم لتولي التوعية والتوجيه والثقافة البيئية، مكتب لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سيارة إسعاف وإطفاء، وسيارة شرطة أو مرور. 2- منح رخصة لكل مخيم يسجل فيه معلومات عن المخيم وصاحبه وتكون هذه الرخصة قابلة للتجديد سنوياً، إعطاء الرخصة ليس مخولا للتملك أو البقاء بشكل دائم بنفس الموقع وذلك خاضع لتنظيم إدارة المنتزه. 3- وضع رقم في مكان بارز أمام كل مخيم ويعتبر هذا الرقم هو رقم الرخصة. وتحمل هذه الرخصة إحداثيات المخيم منعاً للبس عند مطالبة صاحب المخيم في أي قضية وعلى رأسها نظافة الموقع بعد إزالة المخيم. 4- يحق لصاحب المخيم ترك الأساسات من حمامات وأعمدة إنارة أو أبراج أو خزانات علوية أو سفلية غيرها. ويطالب بإزالة جميع النفايات المشوهة والملوثات في حال بقاء المخيم طول العام. 5- منع إقامة أي منشآت ثابتة أو دائمة في المنتزه. 6- وضع ممرات (مسارات) مناسبة للمحافظة على التربة من التجريف والتنقل العشوائي. 7- منع الدبابات من تجريف التربة وإثارة الغبار وذلك بتحديد مواقع مناسبة لايسمح بالخروج منها، وذلك للمحافظة على أرواح ركابها من الدهس والاصطدام بالمارة والشجيرات وأيضاً تعكير صفو المتنزهين. 8- الاستفادة من الكثبان الرملية من الشرق والجنوب وتوظيفها لإقامة بعض وسائل الترفيه مثل التزلج على الرمال، وإقامة مسابقات فن القيادة على الرمال ونحو ذلك على أن تكون في أماكن محددة، وبعيدة عن المخيمات. هذا والله من وراء القصد


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved