هذه المدينة الجميلة القابعة في قلب الصحراء المغربية تزداد بهاءً وحسناً مع مرور الزمن، خلاف الإنسان الذي يذبل وينبري عوده وتخور قواه مع تعاقب السنين.
تباين الناس في نطق اسمها فهناك في المشرق العربي من يلفظها بفتح الميم وتشديد الراء وكسر الكاف، وهناك في المغرب العربي من اعتاد على لفظها بضم الميم وضم الكاف، وهم الأصح عند بعض مؤرخي المغرب العربي، واختلف الناس في معناها ومن هو أول من سماها.
ويجمع الناس على أنها بلدٌ تحفل بالتاريخ المجيد، والقيادات الرائعة المتعاقبة التي حفظت للمغرب دينه وثقافته ووحدة أراضيه، وامتد فضلها حتى أضاءت للأندلس وهجاً من مصابيحها بعد أن كادت تزول تلك الحضارة لتضيف مزيداً من القرون على حضارة عربية أسسها عبدالرحمن الداخل الأموي في أوائل العصر العباسي بالمشرق.
تنتشر في هذه المدينة الحمراء الخلابة بساتين النخيل المميزة لها، وهي نخيل لا تثمر بسبب الظروف الجوية غير الملائمة، وقد ذكر لي بعض المؤرخين أنها كانت ممراً للمسافرين وكانوا يرمون بما لديهم من فصم التمر بطريقة عشوائية فتنبت هذه النخيل القديمة في الصحراء لتزين المدينة وتزيدها بهاءً على بهائها.
ومن الإنصاف أن أسجل إعجابي بذلك الحرص الشديد من لدن جلالة الملك الحسن الثاني- رحمه الله-، ومن بعده جلالة الملك محمد السادس- حفظه الله-، اللذين أرسيا قواعد ما زالت قائمة تمنع منعاً باتاً قطع أي نخلة، حتى انك لتجد في كثيرٍ من الشوارع نخيلاً تقبع في وسط الشارع، دون أن تزال وترى السيارات تزاور عنها ذات اليمين وذات الشمال، بل إنك لتجد نخلة واحدة تجبرك على الانحراف مع أن إزالتها قد لا تسبب تشويهاً، لكنه المبدأ الذي ما زال قائماً، وظلت مدينة مراكش محتفظة به حتى يومنا هذا.
وفي السنين الأخيرة، وفد عددٌ من الأوروبيين وأخذوا في شراء قطع من تلك البساتين ليقيموا عليها منازل لهم دون أن ينالوا من النخيل بسوءٍ حتى انك ترى بعض المنازل وقد صممت لتلافي قطع تلك النخيل حفاظاً عليها، كما ترى اللون الأحمر وقد تمت المحافظة عليه دون استثناء ليزيدها جمالاً على جمالها.
ومن اللافت للنظر هناك أن كثيراً من مشاهير العالم قد كانوا يفدون إليها بين الفينة والأخرى، وهناك من استغل مساكنهم لاستخدامها مطاعم راقية يفد الطبقات القادرة على الدفع، فهناك بيوت كثيرة أصبحت معروفة بجمالها، وجمال ما يقدم فيها من أطباق مغربية شهية.
ومراكش مدينة المؤتمرات، فلا يكاد يمر يوم دون فعالية محلية أو عالمية فمثلاً من خلال الأسبوعين القادمين، سيُقام المؤتمر الثالث للفكر العربي الذي تتبناه مؤسسة الفكر العربي الذي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، وسيكون سموه أحد المشاركين الفاعلين فيه، إضافة إلى عددٍ كبير من الشخصيات البارزة والفاعلة في الوطن العربي.
كما سيكون هناك مؤتمر للسينما، وسبق أن أقيم خلال اليومين السابقين مؤتمرٌ عن الإعلام.
وهكذا ستظل هذه المدينة مجمعاً للتأريخ والجمال والثقافة.
|