(تلك الرواية الجريئة الفضائحية، التي تميط اللثام عن المسكوت عنه في العالم السفلي للمدينة المغربية، أصبحت حديث الكتاب والقراء من المحيط إلى الخليج، وتناقلتها الأيدي وصورت نسخها القليلة التي وصلتنا وتبادلها الأصدقاء ومحبو الأدب في كل العواصم العربية).
هذا ما كتبه أحدهم عن رواية (الخبز الحافي) للروائي المغربي محمد شكري واصفاً طقس ولادتها وراسماً ملامح لوحة تصور شيئاً بسيطاً من طقس استقبالها في الوطن العربي، والذي يبدو - في نظري - أنه يتكرر بصفة دائمة كاشفاً القناع عن سطحية التفكير وسذاجة المتلقي العربي، مما يثير سؤالاً يكبر مع الزمن، لماذا نحتفي بالحرف عندما يعانق (المسكوت عنه)؟ ومن ثمَّ تتوالد وتتكاثر علامات الاستفهام بشكل سرطاني يصعب السيطرة عليه، وعندها نرفع أصواتنا: لماذا يحرص (المبدع) في مجتمعاتنا الشرقية على ملامسة مناطق (الجرح) و(مساحات) الألم؟ هل منتهى قصده الشريف أن يكتب وصفة علاج، أم هدفه ذر رماد الحرف على مناطق جراحنا، من خلال بعض الحروف المخدرة، لكي نتناولها ونقرأها في الظلام، لتسكن أوجاعنا، وتصمت ضمائرنا أو هكذا نتوهم، وهل إذا لامسها وقاربها ذلك المبدع أتراه، يطرح علاجاً ناجعاً أم مجرد تشخيص مشوش ومتواضع لا يخرج عن كونه ردة فعل داخل الأقواس ولا علاج، ليسقط هو وأمثاله في مستنقع (التسويق) للحرف على حساب آلامنا وأوجاعنا ولا نفز نحن (القراء) إلا ب(مخدر) فقط.
خاتمة الأسئلة، انظروا شرقاً وغرباً على امتداد خارطة الوطن العربي، فإن مساحة (الألم) في اتساع و(الوجع) في (تمدد) وما زالت حروف المثقفين تتنافس على الحضور الشكلي، لتساهم في التخدير ولا شيء غير التخدير.
أخيراً..
إن (الحرف) علاج و(الكلمة) بيان..
|