بينما أنا جالس ذات يوم إذا بفتية أقبلوا عليّ وجلسوا فتحدثنا قليلاً فعرفت من حديثهم أنهم يشكون كثرة الفراغ لديهم فتمر عليهم الساعات والأيام دون الاستفادة منها فنصحتهم بأن يملؤوا أوقات فراغهم بالعمل المفيد المثمر الذي يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير العميم.. وبمطالعة الكتب المفيدة لكي، يتسلحوا بالعلم فيستفيدون.. ويفيدون ولكنهم قالوا بأنه ليس لهم رغبة في الأعمال أو هواية للقراءة فعجب لحالهم وسألتهم: كيف يقضون أوقات فراغهم (إذاً)؟ فقالوا: تمضي علينا الأوقات ثقيلة لا نستفيد منها.
تلك ظاهرة كثير من الناشئين الذين لم يحالفهم الحظ بالدراسة ولم يستطيعوا الصبر في العمل. إن الفراغ نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى - ينعم به على من يشاء من عباده المخلصين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ؟
أجل الفراغ من أجل النعم ولكنه قد يكون نقمة على من لم يستفد منه فليس معنى كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الفراغ هو الجلوس بدون فائدة وعدم الاستفادة من الوقت (لا) وألف (لا)، فالمؤمن يستفيد من فراغه للعمل الديني.. والدنيوي فيغبط على هذه النعمة وليس معنى الغبطة في ذلك الحسد وهو تمني زوال النعمة عن الغير، ولكن الغبطة معناها في ذلك التمنى ان يكون مثله دون ان يتمنى زوالها. ان الأيام تجيء وتروح وتتكرر الأيام وتتوالى السنون والأعوام فلا ترجع مرة ثانية، فالعاقل البصير بالأمور يستفيد من وقته وكل إنسان محاسب عن وقته فيمَ أضاعه؟ فمثل الشباب (الآنف ذكرهم) قد أضاعوا أوقاتهم بلا فائدة تعود عليهم أو تعود على أمتهم بالخير.. فأحرص أخي الشاب على الاستفادة من وقتك فلا تدعه يذهب هباء فتكون من الخاسرين!
|