في مثل هذا اليوم قام الخديوي إسماعيل ببيع أسهم مصر في قناة السويس وعددها 170 الف سهم إلى بريطانيا. والخديوي إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا، من الشخصيات التاريخية الهامة والبارزة في تاريخ مصر في القرن التاسع عشر؛ فقد كان صاحب مشروع مُكمِّل لمشروع جدِّه الكبير محمد علي باشا في بناء دولة مستقلة قوية تقتبس من الغرب علومه ومعارفه لبناء نهضتها وحضارتها؛ لذا داعبت أحلامه أن تكون مصر (قطعة من أوروبا)، وشهد عمره إنجازات كبيرة، في مجالات عدة، منها: زيادة الرقعة الزراعية، وشقّ الترع الضخمة، وبناء القاهرة الحديثة، والاهتمام بالآثار والتعليم، ومنها أيضا تأسيس أول مجلس للشورى والنواب في تاريخ مصر. بالإضافة إلى محاولاته بناء إمبراطورية مصرية في أفريقيا، على غرار الدول الكبرى، وهو ما رفضته أوروبا الاستعمارية؛ خوفا على مصالحها، ولذلك سعت في تحطيم مشروعه النهضوي، وعزله عن حكم مصر، ثم تشويه صورته وإنجازاته في إطار حملة شعواء، حاولت أن تُفقد هذا الرجل اعتباره ومكانته، وتصويره على أنه مسرف منحلٌّ مستبدٌّ طاغية، استولى على السلطة والثروة وأنفقها بلا حساب.
وُلد إسماعيل في 1830 بالقاهرة وتلَّقى تعليمه بمدرسة خاصة أنشأها جده محمد علي بالقصر العالي بالقاهرة؛ حيث تخرج فيها على يد نخبة من الأساتذة، فتعلم مبادئ العلوم واللغة العربية واللغتين الفارسية والتركية، ولما أتمَّ السادسة عشرة من عمره أوفده جده في بعثة علمية إلى باريس؛ حيث التحق بكلية (سان سير) العسكرية الشهيرة التي تخرج فيها كثير من الأمراء والقادة العسكريين المصريين، ووصفه أحد أساتذته في الكلية بأنه طراز فريد نادر لمن وُلد ليحكم، وربما ليصنع التاريخ.
وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه، وذاعت شهرته، وخاصة بعدما آلت إليه ولاية العهد، وعُرفت عنه كفاءته السياسية والإدارية، ومثَّلَ مصر في العديد من المهام الخارجية، ثم آل إليه حكم مصر سنة 1863 فكانت مرحلة جديدة في تاريخه وتاريخ مصر.
|