في مثل هذا اليوم من عام 1956 عقد اتفاق بين مصر وسوريا والأردن لجعل جيوش الدول الثلاث تحت قيادة واحدة مصرية.
ولكن مع ذلك ظلت هذه الاتفاقية حبراً على ورق شأنها شأن العديد من الاتفاقيات العربية الأخرى.
ورغم أن المعاهدة العربية للدفاع المشترك، التي كانت في مقدمة المعاهدات العربية المبرمة بعد تأسيس جامعة الدول العربية بفترة وجيزة (1950)، لم تجد طريقها إلى تبديل واقع الفرقة العسكرية العربية، من حيث التسلح، والتنظيم، ومواجهة الأزمات.. رغم ذلك فقد بقيت أرضية مشتركة متوفرة لاحتمال التعويض عن تلك النواقص الخطيرة في المستقبل.
ولكن اتفاقات كامب ديفيد وغزو الكويت واندلاع حرب الخليج، قوّضت أركان هذه الأرضية بصورة كاملة أو أخرجت الاتفاقيات الأمن العربي من حيز العمل العربي المشترك، وطوت مفاهيمه ومبادئه وأجهزته.
فالاتفاقيات ومعاهدة السلام الأولى المنبثقة عنها، أعطت لأول مرة الأولوية لما تضمنته من بنود، تجاه الاتفاقات الأخرى ومن بينها معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي كانت مصر كأكبر دولة عربية سكانًا وقوّة عسكرية قوامها الرئيسي، وهو ما برز للعيان بصورة مأساوية أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلال بيروت عام 1982
على أن استمرار موقف المعارضة العربية المشتركة على تفاوت درجاتها وحقيقة مضمونها، لاتفاقات كامب ديفيد، أبقى إلى مطلع التسعينات بابًا لاحتمال العودة إلى أرضية أمنية عربية مشتركة فكان غزو العراق للكويت بمثابة الضربة القاضية التي أغلقت هذا الباب أيضا.
وقوَّضت البقية الباقية من (ثوابت) الأمن العربي، مثل التسوية العربية للنزاعات العربية دون تدخل خارجي، أو الاعتماد على الذات في الأمن الخارجي.
وعلى هذه الأرضية الجديدة أو على أساس انعدام أرضية أمن عربي مشترك، كان لا بد أن تتبع مسيرة مدريد عدة مسارات متفرقة عربيًا، وأن يصبح (الأمن الإسرائيلي) لا الفلسطيني أو العربي هو العنصر الحاسم فيها جميعًا، بل مضت (معاهدة السلام الأردنية -الإسرائيلية) إلى درجة رسم خطوط عريضة لأمن ثنائي مشترك، وخطوط عريضة أخرى لأمن إقليمي مع إعطاء الأولوية للأمن الثنائي، مثل التعهد في المادة الرابعة بعدم الدخول في ائتلاف أو تنظيم أو حلف بصبغة أمنية، أو مساعدته أو الترويج له أو التعاون معه، وإنهاء أي معاهدات دولية تتناقض مع هذه الالتزامات.
|