Thursday 25th November,200411746العددالخميس 13 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

من داخل المحكمة: قصص وحكايات من داخل المحكمة: قصص وحكايات

حدث في المحكمة، قصص وحكايات، وقائع وأحداث من سلسلة أوجاعنا، عمل بارز ومتميز، يحوي داخله قصصاً مثيرة وغريبة، تغوص في أعماق ذاتنا، تفتش في أسرارنا، تنبش في جروحنا، رغم مرارتها، وتضع همومنا على سلة أوجاعنا، ليكون الدواء مفيداً رغم مرارته، والشفاء واقعاً رغم قسوته.
نعم، هذا ما زفته لنا جريدة الجميع (الجزيرة) عن صدور كتاب مهم، متميز، يتحدث عن جزء من مشكلات المجتمع بكل صراحة ووضوح وبعيداً عن المجاملات، فهو يعد بحق فريداً من نوعه وأطروحاته خاصة في مجتمعنا وهو كتاب (حدث في المحكمة - أحداث ووقائع وقضايا حقيقية نظرت أمام القضاء) للكاتب الصحفي الأستاذ سلمان بن محمد العُمري.
وقد حرصت على اقتناء هذا الكتاب المميز الصادر عن دار طويق، متصفحاً إياه صفحة تلو الأخرى، ووجدت أن الكاتب نجح في صياغته بكل اقتدار، وأن يضع إطاراً لمنظومة الدراسات الاجتماعية، من خلال التطرق إلى قضايا وأحداث مستمدة من الواقع.
الكتاب يرصد أحداثاً متعددة، ويتناول محطات متنوِّعة من حياة البشر، رصدها كاتب محترف، وصاغها بأسلوب شيق ومثير، ليدق ناقوس الخطر الذي يداهمنا أفراداً ومجتمعاً.
وترجع أهمية هذا العمل إلى أنه يعد من المطبوعات النادرة التي تتطرق إلى واقعنا بلا رتوش، أو تجمّل، عالم يغوص بالعلل والمشاكل والأمراض التي بدأت تقترب منا، وتغوص في أعماقنا، فكان التشخيص جيداً، والعلاج شافياً، ليعد مرجعاً للعديد من الدراسات والبحوث الاجتماعية.
الكاتب وهو إعلامي بارز على مدار سنوات طوال، استطاع أن يستغل خبرته وموهبته في تكثيف المعلومات، وتطوير الأحداث، وتهيئتها من خلال البحوث والدراسات، والتحليلات الاجتماعية والنفسية، وإعداد خطط للتوجيه والإرشاد، ليكون الغرض هو العظة والاعتبار والفائدة، فتكون الثمرة أعم، والفائدة أشمل، والنفع أيسر.
وقد طرح هذا العمل العديد من الأفكار والدراسات، وفتح المجال أمام الآباء والأمهات، والباحثين، والمعلمين، والأكاديميين، وعلماء الاجتماع والنفس لدراسة واقعنا، وفق خطط ورؤى مدروسة.
كما يطرح مشعل نور يضيء الطريق أمام الخطباء والدعاة، ورجال الإعلام، والكتَّاب، في أن نقترب من هذه الأحداث، وندرس أبعادها بشكل شمولي متكامل، ليكون العلاج شافياً، قبل أن تستفحل العلل، وتسكن عقولنا، وتستقر في أجسادنا، لتكون العواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.
الكتاب يتناول أحداثاً وقضايا تشهدها المحاكم، تحمل الكثير من القضايا، والأحداث، والمواقف، والحكايات، والقصص، بعضها مثير للدهشة، وثانيها مثار للغرابة والاستنكار، وثالثها قد يثير فينا الكثير من البلايا والأفكار، لتكون مدخلاً عملياً في البحث عن تلك الجرائم وأسبابها ودوافعها، قبل أن نصل إلى آثارها وعواقبها الوخيمة.
وقد أحسن الكاتب العُمري صنعاً حينما رصد بعض الأحداث والقضايا التي شهدتها ساحات المحاكم، قضايا حقيقية تلامس واقعنا، شخوصها يعيشون بيننا، نلتقي بهم في حلنا وترحالنا، نناقشهم دون أن نعرف شخوصهم، نغوص في واقعهم الباطن، نطرح آمالهم وتضاربها مع طموحهم، وما ترتب عليه من دمار لكيانهم وذاتهم، ليتحولوا بين فينة وأخرى إلى متهمين ومذنبين، من خلال أسلوب شيق ومثير، ليكون العمل متميزاً في الشكل والمضمون.
الدنيا محكمة صغيرة، تزدحم أروقتها بأشكال غريبة وعجيبة، يتلاطم فيها الجاني والمجني عليه، والظالم والمظلوم، والمذنب والبريء، والمحسن والمسيء، من خلال قصص وحكايات تروي واقعنا، رغم مرارتها، وتحاكي ظروفنا رغم قسوتها، لنستفيد ونستخلص منها العظة والاعتبار.
ولأن الكاتب الأستاذ سلمان العُمري يملك حساً ووعياً شديدين، فقد تطرق إلى قضايا من أرض الواقع، إلى أحداث حقيقية، وأحداث عايشها فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن صالح الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض، بحكم عمله كقاضٍ، أو سمعها واطلع عليها من زملائه في سلك القضاء، ليكون العمل في مجمله ومحصلته تحفة أدبية، ودراسة اجتماعية ناجحة، ومنبراً شاملاً لمن يبحثون عن العلاج والدواء.
ويذكر أنه على مدار سنوات والشيخ إبراهيم الخضيري يطرح الكثير من القصص والأحداث والقضايا على صفحات جريدة (الجزيرة) من خلال الملحق البارز والناجح (آفاق إسلامية)، فحقق نجاحاً وصدى كبيرين بين القراء، الذين اعتبروه منحنى وتوجهاً جديداً في لبنة الدراسات الاجتماعية الشاملة وبداية صحيحة لمن يفتشون في الجريمة وأسبابها ودوافعها.
وقد أحسن المؤلف حينما قرر جمع هذه القصص في كتاب، لتكون الاستفادة أشمل وأعم، وتكون التجربة أكمل، فهي تزوّدهم بكل صنوف البشر والسلوكيات، ولذا جاءت الأحداث متنوِّعة والقضايا متعددة، ورغم ذلك يصعب تصنيفها، لأنها قد تتشابه في تفاصيلها، وتختلف في ضحاياها، ومصير مرتكبيها، حسب الظروف والدوافع، والتكوين الشخصي والنفسي، ودرجة الوعي الديني، فهذا قادته طموحه وأهواؤه للمال، فصمم على الحصول عليه بشتى الوسائل والسبل فانزلقت قدماه إلى طريق الجريمة والحرام، وآخر وسوس له شيطانه لحظة فضلَّ وانحرف عن طريق الحق والفضيلة إلى مستنقع الرذيلة، وثالث قادته نزواته إلى الفسوق والفحش فأنهى حياته خلف القضبان.
وهناك بعض الأبواب التي تفتح السبل للجريمة، كالمخدرات والخمور، والزواج من أجنبيات يختلف كثير منهن في طباعهن وأخلاقهن عن طبيعة مجتمعنا المتدين المحافظ. كذلك السفر إلى الخارج وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع، والاستعانة بعمالة غير مسلمة، ليكون مداً قوياً في هدم عاداتنا وتقاليدنا، ومحاولة زرع قيم وأفكار في نفوس الصغار والناشئة قد تقودنا إلى الهاوية والدمار.
الكتاب يتناول 56 قصة متعددة ومتنوِّعة، يتناول قضايا وأحداثاً بعضها يتناول قضايا اجتماعية، مثل عبث اللقيطة في الأسرة، أو عقوق الوالدين، أو غدر الزوجة، وبعضها يتناول خطورة العمالة الوافدة وآثارها، وثالثها يتناول عدداً من القضايا الأسرية بأعماقها وأبعادها، بأهوالها وأخطارها، هذه القضايا صاغها الكاتب بأسلوب فريد، ونمط جديد، وعناوين شيقة مثيرة، ليطوف بنا بين محطات متعددة ومتنوِّعة، ونحن نصاحبه دون كلل أو ملل، منها: (ضم الزوج زوجته فأغمض القاضي عينيه، استمع للحاكم فاعتذر للقاضي، توبة الساحر، الطفل القاتل، قتل العجوز وفعل الفاحشة بها).

أحمد بن سليمان المزروعي
باحث في الشؤون الاجتماعية - مكة المكرمة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved