( الجزيرة ) تفتح ملف الأمراض الوراثية والفحص قبل الزواج من جديد 2-2

  * الرياض - فهد الغريري/تصوير - سعيد الغامدي:
تطرح (الجزيرة) من خلال هذه الزيارة لقسم الطب الوراثي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث موضوع الأمراض الوراثية في المملكة وأهمية مكافحتها عن طريق الفحص الطبي قبل الزواج.
وفي حلقة يوم أمس التقينا د. زهير رهبيني استشاري طب الأطفال والطب الوراثي بمستشفى الملك فيصل ورئيس قسم الطب الوراثي وعضو الجمعية الأمريكية للطب الوراثي الذي أكد على خطورة هذه الأمراض بسبب سرعة انتشارها وصعوبة اكتشافها.
كما التقينا د. سامي القرعاوي استشاري الطب الوراثي وعالم الأبحاث الحاصل على دكتوراه في علم الوراثة والذي شدد بدوره على أن أفضل طريقة لمكافحة المرضى هي الفحص الطبي قبل الزواج لتجنب حصول الإصابة في المواليد ومن ثم الدخول في دوامة العلاج التي تستمر طوال العمر.
وفي حلقة اليوم يواصل الطبيبان حديثهما محددين بالنسب والأرقام مدى انتشار المرض في المملكة ومطالبين وزارة الصحة باتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة هذه الأمراض على جميع الأصعدة فإلى التفاصيل:
*****
الاسترشاد الوراثي
المواطنون الذين يقرأون هذا الكلام الآن وهم خارج الرياض ومقدمون على زواج هل يأتون إليكم هنا لعمل هذه الفحوصات؟
د. زهير: هذه نقطة مهمة، نحن لدينا قسم اسمه الاسترشاد الوراثي وهو قسم تدريب ندرب فيه الآن كل سنة أربعة أشخاص تقريباً، وهو تخصص موجود في الغرب ومعروف وله شهادات والحمد لله تبناه القسم لدينا ومدة التدريب سنتان يعمل بعدها المتدربون في عيادات للاسترشاد الوراثي وهي تهم كل مواطن مقدم على الزواج وليس لديه أي خلفية عن هذه الأمراض الخطيرة، ولا يمكن أن نقوم قضايا الفحص الطبي قبل الزواج بدون وجود مثل هذه العيادات في كل منطقة من مناطق المملكة بل في كل مستشفى.
* هل عدم وجود مثل هذه العيادات هو سبب ما نراه من عدم وعي من قبل المواطنين بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج وتهرب أو تذمر بعض منه؟
- د.زهير: الفحص الطبي قبل الزواج لا بد أن يتبنى كبرنامج وليس كمجرد اختبار فحص دم، بمعنى أن تكون هناك حملات توعية إعلامية وحتى في المدارس لطلاب المرحلة الثانوية، لا بد أن يتبنى مثل برنامج التطعيم الذي نجحنا فيه لأن وزارة الصحة تبنته كبرنامج من حيث التوعية والتعاون مع الوزارات الأخرى حيث تمنعك وزارة الداخلية من إضافة ابنك إلا بعد إكمال التطعيمات، أما الحاصل الآن أنه حتى بعد الفحص واكتشاف حمل الرجل والمرأة لمورث المرض فإنهم يتزوجون بلا مبالاة وهذا خبر قرأته قبل فترة عن مجموعة في الأحساء حيث تنتشر هذه الأمراض.
* هل تهدفون مستقبلا ومن خلال الدراسات الموجودة لديكم إلى خفض التكاليف بحيث يحدد لكل منطقة مختبر خاص بالأمراض الموجودة لدى أبناء هذه المنطقة؟
د. زهير: أنا لا أتفق مع فكرة تعميم فحوصات ما قبل الزواج على كل منطقة بنفس الاختبار وهي المنجلية والثلاسيميا، لكنها خطوة جيدة كبداية وإن كانت لا بد أن تتخصص أكثر في المستقبل ولابد من وضع استراتيجية لمعرفة الأمراض في كل منطقة والفحص المناسب لها وإلا فإنك ستضع أموالك في سبيل مكافحة أمراض غير موجودة بينما أنت تهمل أمراضاً أخرى تعاني منها هذه المنطقة.
الوضع خطير
* لو أردنا أن نحصر عدد المواليد المصابين بأمراض وراثية في المملكة فكم تقدر نسبتهم؟
- د. زهير: من مهام هذا القسم أن يوجد قاعدة بيانات فهي غير موجودة لدينا، ولكن حتى نعرف حجم الظاهرة الكبيرة ما نراه في العيادات فنحن لدينا عشر عيادات يأتينا مائة مريض أسبوعياً على الأقل، منهم عشرون حالة جديدة بينما ثمانون حالات متابعة، ومن العينات التي ترسل لنا من مستشفيات وزارة الصحة وجدنا أنه أسبوعياً نكتشف ثلاث عينات إيجابية وهذا ليس مسحاً، فقط خيارات عشوائية، بمعنى أنه لدينا مائة وخمسون حالة جديدة سنوياً هذا عدا الذين لا نعلم عنهم، لكن أفضل دراسة حدثت لدينا هي عملية مسح لثلاثين ألف مولود في مستشفى الأمير سلمان ومستشفى الملك عبد العزيز في جدة وهنا في التخصصي في ثلاث سنوات، مسحنا سبعة وعشرين مرضاً فوجدنا أن هناك حالة ايجابية في كل ألف وأربعمائة حالة، وهذه النسبة ثلاثة إلى خمسة أضعاف النسبة في الغرب، لدينا عوائل فيها ستة أطفال بعضهم مات وبعضهم لم يمت كلهم مصابون بنفس المرض.
* كيف تقيم خطورة هذا المرض إذا اعتبرنا أن النسبة أكبر بكثير نظراً لأن العينة عشوائية وغير شاملة لمناطق مختلفة؟
- د. زهير: هذه الأمراض إشكال كبير من خلال معايشتي لها، وأنا أعتقد أن على وزارة الصحة مثلما ركزت على الأمراض المعدية في فترة مضت فعليها التركيز على الأمراض الوراثية، وإذا لم توضع استراتيجية للحد منها فإنه سوف تزداد لدينا مدارس الإعاقة ومراكز العلاج الطبيعي.
استراتيجية المكافحة
* ما الاستراتيجية المناسبة لمكافحة انتشار هذه الأمراض في نظركم؟
- د. سامي: الفحص قبل الزواج هو ما يجب التركيز عليه، ولكن المهم أن تكون هناك توعية، فمثلا نحن لدينا عادات وتقاليد كالزواج من الأقارب يجب أن يكون واضحاً أننا لا نقول بمنعها، ولكن لا بد أن نحمي أنفسنا عن طريق الفحص عن الأمراض المنتشرة في هذه المنطقة أو القبيلة، وهذا يعتبر ضماناً للمستقبل وهو غير مكلف بل بالعكس أنه يوفر تكاليف كبيرة على الدولة ستصرف على العلاج والمرافق الخاصة.
د. زهير: وأيضاً بالنسبة للاستراتيجية البعيدة، أولا التشخيص المبكر لهذه الأمراض، ثانياً وجود وحدات مختبرات وجود أطباء متخصصين في الاسترشاد الوراثي وهذا لا يلزم أن يكون طبيباً فأي ممرض أو خريج معهد صحي يقوم بالدور، وجود الكوادر البشرية مهم جدا، وأيضاً لا بد من استمرار الأبحاث في هذا المجال ونحن في تعاون مع مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي لإجراء دراسات على الخلية نفسها حتى نعرف طفرات الأمراض عندنا في المملكة.
ويضيف د.سامي: هناك نقطة مهمة أيضاً وهي أن عدد السكان في ازدياد بينما عدد الأطباء المتخصصين في هذه الأمراض قليل جداً، ولذلك لا بد أن يكون هناك تشجيع في كليات الطلب على التوجه إلى هذا التخصص، والهدف هنا أن نعتمد على أنفسنا كدولة مستقبلا، وهذه نقطة مهمة فإذا توفرت لديك الأجهزة والمختبرات ولم يكن لديك قوة بشرية كيف سنغطي هذه الطلبات؟ والحاصل الآن أننا نحن القسم الوحيد في المملكة بل في العالم العربي في هذا التخصص، وهذا القسم يخدم المملكة ودول الخليج وبعض الدول العربية.
المختبر الجديد
بعد ذلك قامت (الجزيرة) بجولة في المختبر الجديد وهو مكون من ثلاثة أقسام، في القسم الأول يتم تسليم عينات الدم من نافذة صغيرة، وتنقل عبر ممرات مجهزة بكل الاحتياطات التي تمنع وصول أي تلوث إلى العينة ويرتدي فيها المختصون ملابس واقية خاصة ثم تسلم إلى قسم الحفظ، وأخيرا تنقل إلى قسم الأجهزة حيث يجرى تحليل العينات وإصدار النتائج التي على ضوئها يتمكن المختص من معرفة حالة المتقدم للفحص عن طريق قطرة من دمه.