شارك صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود رئيس الفريق السعودي للتحكيم في المؤتمر الدولي الذي أقيم برعاية وتنظيم محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بالتعاون مع مركز دبي للتحكيم الدولي ومعهد المحكمين الدوليين حول (مواكبة متطلبات الأعمال التجارية في الشرق الأوسط، الوسيلة الفعالة لفض المنازعات التجارية في المنطقة) وذلك في دبي في الفترة من 23-24 نوفمبر 2004م بحضور نخبة من كبار القانونيين وخبراء التحكيم من الدول العربية والأجنبية.
ويناقش المؤتمر عدة محاور أهمها: أساليب فض النزاع وعلاقتها بالتجارة الدولية في الشرق الأوسط، والمبادئ والأخطار، والإجراءات الحديثة في إدارة النزاعات، وفض النزاعات في مجال الزيوت والغازات، وفض النزاعات في مجال التصنيع، وفض النزاعات في مجال خدمات المصارف المالية (مع شمل البنوك الإسلامية)، وفض النزاعات في مجال الإعلام.
وقد ألقى صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد كلمة خلال المؤتمر قال فيها:
الحمد لله الذي جعل مبدأ العدالة مطلبا إنسانيا، فلا يسود الأمن والطمأنينة في المجتمعات الإنسانية إلا بتوفير العدل بين أفرادها، فمنذ القدم والإنسان يعاني أشد المعاناة من الخلافات والنزاعات بين أفراد مجتمعاته.
ولكن عبر الأزمنة ومن خلال الوحي الإلهي ثم المعرفة التراكمية التي حصل عليها الإنسان استطاع ان يطبق هذا العدل بنسبه المتفاوتة. ومن عناصر هذا المبدأ بل ومن عناصره الرئيسية هو التحكيم بكافة مستوياته وأشكاله فمن هذا المنطلق يتبين لنا أهمية التحكيم. لقد كان التحكيم موجوداً قبل الإسلام وجاء الإسلام وأقره بل ونزل به القرآن الكريم وأكدته السنة النبوية. وهذا دليل على تميز الإسلام بسماحته وشموله وصلاحيته لكل زمان ومكان ومرونته ليواكب تطور الإنسان عبر العصور.
أيها الحفل الكريم..
من المسلمات انه لا يمكن ان يقام تحكيم في بلد ما إلا برغبة ودعم السلطة القائمة فحيث ما وجدت الرغبة الصادقة والدعم الصحيح في وضع الأنظمة وتسهيل الإجراءات وبذل الجهود، أصبحت هذه الدولة لها قابلية لتطبيق التحكيم على أرضها ثم تكون هناك المفاهيم الخاصة التي تخص كل دولة أو شعبها فيتم مراعاتها واحترامها سواء كان منبعها الإرث الديني أو الثقافات المختلفة أو قناعات معينة.
ولقد اهتمت دول الخليج بوضع الأنظمة واللوائح للتحكيم وتسهيل إجراءاته وتذليل عقباته ففي المملكة العربية السعودية تطور التحكيم منذ الثلاثينات حتى صدور نظام التحكيم عام 1983م.
أيها الحفل الكريم..
يأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت يشهد العالم فيه زيادة كبيرة وسريعة في حجم التبادل التجاري، حيث أصبح المحدد الرئيسي لجذب هذه الاستثمارات إلى دولة دون نظيراتها هو وجود بيئة استثمارية مشجعة في تلك الدولة، لذا فإن الأوضاع العالمية الجديدة تتطلب منا التحول السريع من مجرد ردات فعل إلى التخطيط والعمل وفق برامج استراتيجية تعين على مواجهة التحديات في مجال التجارة العالمية.
إن وجود محفزات الاستثمار في المنطقة من موارد طبيعية ومالية وبشرية لا يكفي وحده لإقناع المستثمر بخوض غمار الاستثمار في ظل ضعف ثقته بالقوانين الخاصة بالاستثمار وما قد ينتج عنه من نزاعات، ومن ثم تأتي أهمية مراجعة القوانين القائمة بما يتلاءم مع المستجدات في مجال التجارة الدولية، ومن قوانين وآليات محددة لتسوية المنازعات التجارية الدولية والتي تعتبر دافعاً هاماً لزيادة حجم التبادل التجاري الدولي ولا شك ان دول المنطقة قطعت شوطاً هاماً في هذا المجال.
وتأتي أهمية هذا المؤتمر في تعريف المستثمر سواء في مجال الزيوت والغازات أو التصنيع أو البنوك أو الإعلام أو التجارة بصفة عامة بفض المنازعات ومن أهمها التحكيم، وهو دور تعريفي يشكر القائمون عليه، حيث يعد هذا المؤتمر وما سيطرح فيه - إن شاء الله - من موضوعات هامة إسهاماً متميزاً في مجال جذب ودعم الاستثمارات في المنطقة. كما لا يفوتنا التأكيد على دور المستثمر في التعرف على قوانين البلد التي يرغب الاستثمار فيه واحترامها.
أيها الحفل الكريم..
إن هذا المؤتمر ليعكس بوضوح تزايد الوعي لدى الجميع بضرورة الاهتمام بمتطلبات الأعمال التجارية وذلك من خلال الاهتمام بوسائل فض المنازعات التجارية وعلى رأسها التحكيم لما يتمتع به من مميزات ومن أهمها السرية والسرعة وحرية اختيار المحكمين والقانون الواجب التطبيق ومكان انعقاده وانخفاض التكلفة في أغلب القضايا، مما يدعونا إلى التأكيد على أهمية عقد مثل هذه المؤتمرات.
وفي الختام أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على هذا المؤتمر والمشاركين فيه مشيداً بحسن التنظيم والإعداد والذي سينعكس إيجابياً - إن شاء الله - على نجاح هذا المؤتمر وتحقيق أهدافه. وأخص بالشكر مركز دبي للتحكيم وعلى رأسه الدكتور حسام التلهوني، ومحكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية ICC ومعهد المحكمين الدوليين.
وأنتهز هذه الفرصة لأشكر حكومة إمارة دبي والغرفة التجارية بها لحسن الاستقبال والضيافة.
|