حصلت الحكومةالعراقية المؤقتة على دعم دولي قوي تمثل في مساندة عشرين دولة وخمس منظمات دولية، هي الأكثر علاقة وتأثيراً فيما يجري في العراق، فالبيان الختامي لمؤتمرشرم الشيخ ساند كل ما تريده الحكومةالعراقية المؤقتة، وباستثناء التصريحات والأقوال والمطالبات التي سبقت المؤتمر بإعطاء فرصة لقوى المعارضة في شرح موقفهاأمام المؤتمرين، فإن البيان الختامي خلا تماماً من أي صوت معارض لما تقوم به الحكومة العراقية المؤقتة في الوقت الذي تجري فيه عملية التغيير الديمقراطي في العراق.. إلا أن الديمقراطية الجديدة حجبت الصوت الآخر للعراقيين، وهذا سيحمِّل الحكومة العراقية مسؤولية عظمى خاصة في ظل عدم تحمُّسها للمقترح البحريني بعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية العراقية تستضيفه المنامة.. الرد العراقي والذي جاء ضمن أقوال السيد هوشا زيباري وزير الخارجية العراقي المؤقت في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب ختام المؤتمر بأن بغداد هي المكان الأفضل لالتئام العراقيين لتحقيق المصالحة الوطنية.. وجهة نظر يجب احترامها رغم التحفظات الكثيرة والتي في مقدمتها غياب الأمن وخاصة أمن المشاركين من الذين لا تتوافق آراؤهم مع الأطراف المشاركة في الحكومة، والتي يمتلك بعضها مليشيات لا تستطيع حتى الحكومة نزع سلاحها، وقادة هذه المليشيات ممثلون بالحكومة، وهم الذين أشار إليهم السيد حازم الشعلان وزير الدفاع المؤقت العراقي الذي اتهمهم بعرقلة رصد أموال لتقوية الحرس الوطني العراقي.
المهم مطالبة السيد زيباري بعقد مؤتمر مصالحة في بغداد، والدعم السياسي الذي حصلت عليه الحكومة العراقية المؤقتة يحملها مسؤولية تاريخية بالعمل وبسرعة وحتى قبل الانتخابات المقبلة على معالجة ما أفرزته المعارك الأخيرة سواء في الفلوجة أو حتى في النجف، فالمعروف أن هناك أطرافاً عديدة لا تزال غير راغبة، وبعضها غير متحمِّس لخوض هذه الانتخابات، فبالاضافة إلى نسبة كبيرة من العرب السنَّة، هناك التيار الصدري لدى الشيعة والتيار القومي، وأحزاب سياسية غير ممثلة في الحكومة، ودور الحكومة الآن اقناع هذه الجهات بالانخراط في العملية السياسية والاشتراك في الانتخابات عن طريق معالجة المخاوف السابقة ومحاولات الإقصاء والترهيب التي تركزت على طائفة محددة بحجة معارضتها الحكومة بالقوة، ومع أن هذه الطائفة كانت ترفع شعار مقاومة القوات المحتلة، إلا أن الحكومة اختارت خيار استخدام القوة، وهذا الخيار وإن حقق نتائج أولية، إلا أنه لا يمكن أن يقود العراق إلى التغيير المنشود المبني على الحرية والديمقراطية، وانما يتحقق هذا الخيار عبر الوفاق والمصالحة ومن خلال الحرص على مشاركة كل الأطياف السياسة والمذهبية والعرقية في العملية السياسية، وبما أن العملية السياسية مكمِّلة للعملية الأمنية والعكس صحيح، فإنه لتوفير مناخ أمني وسياسي ملائم يعمق ثقةالعراقيين في النظام السياسي الجديد ويشجعهم علىالمشاركة في الانتخابات العامة لابد من بذل الجهود والمساعي لإقناع المعارضين والمشككين وإشراكهم في العملية السياسية.
.. هكذا يجب أن يكون برنامج وهدف الحكومة العراقية المؤقتة لضمان إجراء انتخابات تشمل ويشارك فيها كل العراقيين حتى تكسب مشروعيتها في التأسيس لنظام سياسي جديد يرتضيه كل العراقيين وليس أطراف تعتبر نفسها المنتصر في هذا التغيير، وتعمل وفق هذا المفهوم لتفصيل نظام يتلاءم مع طموحاتها ومصالحها.
|