يعني التنظيم الإداري هيكلة النشاط الخاص بالجهاز الإداري سواء كان جهازاً عاماً أو خاصاً إلى عدة قطاعات وإدارات وأقسام بهدف القيام بذلك النشاط بسهولة ويسر وترتيب، ومن ثم تحقيق الأهداف التي يطمح الجهاز الإداري في الوصول إليها.
والتنظيم وإن كان مفهوماً إدارياً إلا أنه أيضاً يتمشى مع توجهات الأنظمة أو القوانين التي تهدف إلى ضرورة القيام بالواجبات وحماية الحقوق، وفق تنظيم دقيق يتمشى مع القواعد الإدارية الحديثة، ذلك أن التنظيم يعتبر وسيلة لتحقيق الانسجام وتلافي الازدواجية والاستفادة من القدرات والطاقات وتحديد العلاقات بين الأفراد وبين الإدارات المساعدة على نقل المعلومات وتوحيد الجهود وترشيد الإنفاق وتوزيع الصلاحيات.
ويقوم التنظيم الناجح على العديد من المبادئ الإدارية الحديثة وهي:
- وجود أهداف واضحة للجهاز الإداري المطلوب تنظيمه حتى تتم ترجمة تلك الأهداف إلى أشكال تنظيمية.
* وجود نوع من التخصص في نشاط الجهة الإدارية بحيث يتم تقسيمه إلى العديد من القطاعات حسب إمكانيات وقدرات العاملين.
* عدم الازدواجية في إصدار الأوامر والتوجيهات للعاملين بالجهة الإدارية بحيث تصل جميع الأوامر والتوجيهات للموظف المرؤوس من خلال رئيسه المباشر، فوكيل الوزارة أو المصلحة مثلا لا يصدر توجيها مباشراً للموظف المرتبط بالمدير العام، والمدير العام لا يقوم بتوجيه الموظف المرتبط بمدير الإدارة، وهكذا لكون ذلك يخالف التنظيم الصحيح إضافة إلى أنه يوجد نوعاً من الحساسية بين الرؤساء والمرؤوسين، كما أنه قد يوجد نوعاً من العلاقات الإنسانية غير الحميدة مما ينعكس سلباً على سير وإدارة الأعمال.
* وجود نطاق محدد لعدد المرؤوسين الذين يمكن لرئيس واحد الإشراف عليهم وذلك على ضوء ما يتوفر لديه من قدرات علمية وذهنية لكي يتمكن من ممارسة دور الإشراف بفاعلية، ومن ثم تحقيق الأهداف المشتركة إضافة إلى أن ذلك يساعد الرئيس على الاطلاع على كل خلفيات العمل.
* ممارسة المسؤولين لسلطاتهم التوجيهية والرقابية واتخاذ القرارات الرشيدة ذات العلاقة بالعمل وقيامهم وبالذات المسؤولين في قمة الهرم الإداري بتفويض بعض هذه السلطات من أجل تخفيف أعباء العمل اليومية عليهم ليتفرغوا لأعمال التخطيط والتطوير والمتابعة، ولكي يهيئوا المرؤوسين إلى مناصب قيادية وتشجيع مبدأ المشاركة في اتخاذ القرارات.
* الأخذ بأسلوب المركزية واللامركزية في اتخاذ القرارات حسب ما تتطلبه حاجة العمل ذلك انه عندما يكون الجهاز كبيراً ووحداته وفروعه متعددة فإنه قد يلجأ إلى أسلوب توزيع صلاحية اتخاذ القرارات بما يعرف باللامركزية، والعكس عندما يكون الجهاز صغيراً وفروعه محدودة حيث تساعد اللامركزية في الحال الأولى على سرعة اتخاذ القرارات وإنجاز الأعمال والتمشي مع ظروف البيئة ورفع الروح المعنوية للمديرين والرؤساء في الفروع والوحدات وبروز الأفكار الجديدة، أما اتباع أسلوب المركزية في الحالة الثانية فيؤدي إلى سهولة التنسيق والرقابة وتوحيد السياسات وتمكين الرئيس الإداري من الاطلاع على كافة الأمور في جهته وعدم حصول ازدواجية في اتخاذ القرارات.
وقد عرف المسلمون التنظيم قبل أن يعرف في الإدارة الحديثة بما يزيد على أربعة عشر قرناً، وذلك من واقع المبادئ التي وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة، أو ما وضعه الخلفاء في هذا الصدد ومن تلك المبادئ (مبدأ الشورى) الذي من تطبيقاته في العصر الحاضر مجالس الشورى والنواب والشعب ونحو ذلك، (ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي يقوم على أساس وضع تنظيمات إدارية تتولى الحسبة، (ومبدأ التخصص وتقسيم العمل) والذي عمل به الرسول- صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون حيث كانوا يحرصون على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كما تم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إنشاء العديد من الدواوين التي تماثل الوزارات والمصالح في الوقت الحاضر، وذلك في مجال العطاء والجند والخراج في مقر عاصمة الدولة الإسلامية مع إيجاد فروع لها في الأقاليم، وقد أضيفت لها في عصر الدولتين الأموية والعباسية ديوان البريد وديوان الخاتم وديوان المستندات المالية وديوان الأزمة الخاص بالحسابات، وديوان المظالم وديوان النفقات وديوان الصوافي الخاص بالأراضي وديوان العرض الخاص بالمعدات الحربية.
وقد اهتم العديد من الدول العربية بالتنظيم الإداري ففي المملكة العربية السعودية مثلا سبق أن أنشأت لجنة خاصة بذلك هي (لجنة الإصلاح الإداري) والتي قامت بجهود كبيرة في إعداد تنظيمات لكثير من الوزارات والمصالح الحكومية، وفي الوقت الحاضر توجد اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري التي أنشأت منذ ما يزيد عن السنتين بقرار من سمو ولي العهد- حفظه الله- الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وبرئاسة سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وعضوية العديد من الوزراء والمسؤولين المعنيين التي تتركز مهامها في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح ومؤسسات عامة ودراسة الأنظمة الوظيفية والمالية وتوزيع الوظائف على الجهات الإدارية حسب متطلبات العمل، ويعتبر من أبرز إنجازات هذه اللجنة ما يلي:
- توحيد قطاع التعليم العام تحت مسمى وزارة التربية والتعليم.
- دمج قطاع الاقتصاد مع وزارة التخطيط تحت مسمى وزارة الاقتصاد والتخطيط.
- إضافة قطاع الصناعة إلى قطاع التجارة تحت مسمى وزارة التجارة والصناعة.
- إضافة قطاع الكهرباء إلى قطاع الماء تحت مسمى وزارة المياه والكهرباء.
- إلغاء وزارة الأشغال العامة والإسكان ودمج بعض أنشطتها في كل من زارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الشؤون الاجتماعية.
- فصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارتين إحداهما للعمل والثانية للشؤون الاجتماعية.
- ضم قطاع الثقافة الذي كان تابعاً للرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة الإعلام ليصبح مسماها وزارة الثقافة والإعلام.
|