من المهم جدا ضخ قدر من الأمل إلى الشعب العراقي الغارق إلى أذنيه في حالة حالكة السواد تجعل من الصعب عليه تبين أي قدر من الضوء، وهو أمر يسهم في الإحباط وهبوط المعنويات وسط تواتر أنباء القتال والمذابح والقصف الذي يستهدف المدنيين العزل في الفلوجة والرمادي والموصل وبقية الأنحاء العراقية، غير أن المؤتمر الدولي حول العراق الذي تحضره كافة الكتل الدولية يؤكد أهمية توفير غطاء دولي للعراق كما يؤكد أن الاستفراد به من أية قوة كانت هو أمر لا يستقيم وفقا لطبيعة الاشياء ومنطقها.. ففي مؤتمر شرم الشيخ تبدو فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع العراقية بعد أن تردت إلى مستويات غير مقبولة، ولعل هذا الحضور الدولي يعيد قدرا من الموضوعية إلى ساحة مضطربة من خلال إظهار اهتمام المجتمع الدولي بما يجري في تلك البلاد والتزامه بمساعدة الشعب العراقي على استعادة الاستقرار التزاما بالمرجعيات الدولية في هذا الصدد والمتمثلة في قرارات مجلس الأمن الدولي تجاه العراق.. وإذا كان من دور للعالم تجاه العراق فإن عملا جاداً وسريعا يبدو مطلوبا الآن، وليس غدا لإنهاء انفراد القوة العظمى بمقدرات هذا البلد ووقف المذابح ضد المدنيين التي تتم بصورة منفلتة وجامحة ومفجعة بل ومحبطة بسبب تواترها بمعدلات اكبر حينا بعد الآخر..
لقد برزت أهمية هذا اللقاء في شرم الشيخ باعتبار تلك الحالة المتردية وباعتبار الفرصة المتاحة لإنقاذ الشعب العراق من خلال الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بصفة خاصة في الانتخابات المرتقبة، وكل ذلك يستوجب وقفة دولية حازمة تعمل بشكل خاص على إظهار العالم ككتلة موحدة تجاه وضع صعب ينبغي عليها العمل على تجاوزه تأكيدا وترسيخا للمعاني والمبادئ الانسانية التي يجب أن تجد طريقها إلى التطبيق وإلا فقد المجتمع الدولي هيبته، وهو أمر خطير لأن ذلك يعني الخضوع لقوى البطش والعدوان مهما كانت المسميات التي تعمل تحتها.. إن المأزق العراقي يطرح تحديا أمام العالم أجمع، وإن تجاوز هذا المأزق يعني أن المجتمع الدولي بإمكانه التبشير بعالم أفضل حتى وإن ظلت هناك بؤر تعمل ضد الارادة الخيرة للشعوب في السلام والاستقرار، ومثل هذه البؤر هي التي تذكر بأن العمل يجب أن يتواصل وبذات الروح الجماعية للوصول بالمبادئ الإنسانية الخيرة إلى الوضع الذي يمكن عنده تطبيقها بحيث تعرف الدول والشعوب أن هناك أمورا ينبغي التضحية والعمل من أجلها..
إن حجب القوى الخيرة وما تحمله من إمكانات للعمل والانجاز لمجرد أن هناك من يريد أن يفرض إرادة لا تتفق مع الإجماع الدولي، هو الأمر الذي ينبغي التصدي له، وفي حالة العراق بصفة خاصة فإن إفساح المجال أمام العمل الجماعي الدولي أمر يستحق التركيز عليه، فالأوضاع الحالية تظهر اندفاعا باتجاه المواجهة باعتبار أن القوة المهيمنة هي التي تحاول فرض أجندتها مع تغييب كامل للقوى الدولية المؤثرة الأخرى، وهو أمر يثبت أن الاوضاع تتدهور فقط في ظل فرض الرأي الأحادي وتغييب إرادة الآخرين..
|