في تقرير حمل عنوان (تقدم المرأة العربية 2004م) وأطلقه صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وعكس تجربة المرأة العربية في إطار الأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن السياسي في منطقة العالم العربي، التي تشهد تحولا اجتماعيا جذريا، وشيئا من غياب الأمن والصدمات.
في هذا التقرير تم التوقف طويلا عند مصطلح اللامساواة، في النواحي الاجتماعية بالنسبة لعمل المرأة، والتركيز على دورها المنزلي في غالبية الدول العربية، وجاء في التقرير أن نسبة النساء العاملات من قوة العمل العالمية قبيل نهاية القرن العشرين كانت حوالي 40% بينما لم تتجاوز في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في ذلك الوقت 26% من العمالة الفعلية.
ويمكن القول: ان الرفاهية الاجتماعية، وفي مقابلها الرفاهية العقلية السلبية في أكثر الدول، هي من الاسباب الرئيسة لعدم اخذ المرأة وضعها الطبيعي في الانتاج والتنمية، حيث يصر اصحاب هذه الرفاهية على تصور ان النساء ثانويات من حيث القدرة على الاداء وكسب الدخل، بينما ترفض تشريعات تلك الرفاهية الاجتماعية منح النساء العاملات حقوقا متساوية مع العاملين من الرجال.
فمتى يجب علينا اعادة النظر في مثل هذه النظرة الضيقة المشوهة لقدرات المرأة؟! ومتى سنتوجه بجدية وحيادية تامة الى اعادة النظر في بعض القوانين الأسرية التي ابتدعناها، فذهبت فينا مذهب القوانين المشرعة؟!
إن الواجب والإنصاف يحتمان على المجتمع، ألا يسمح بجعل مواطنة النساء مقصورة على العلاقات الأسرية فقط، وأن يعيد النظر بتقسيم الوظائف القائم على النوع الاجتماعي، فلماذا تحرم المرأة بشكل عام من وظائف إدارية عليا في مختلف شؤون الحياة؟ ولماذا يظل ينظر الى قدرات المرأة بأنها لا تستطيع تجاوز حدود وهمية في سلم الترقي الوظيفي؟ والى متى ستبقى المرأة بعيدة عن الحياة المهنية؟!
أما اذا طرح موضوع مشاركتها السياسية، فإن الأمر سيكون أشد مرارة من غيره، فمع أن هناك بعض التيارات الايجابية التي تنادي بضرورة ممارسة المرأة لحقها السياسي في مجتمعها، إلا أن معارضة هذه المشاركة لا تزال تطغى على غيرها من الاتجاهات، بحجة أن المرأة غير مهيأة بعد لمثل هذه المشاركة وقد تفشل في ذلك مما يجعل مشاركتها الحقيقية تتأخر أكثر، فاذا كنا نأتمن المرأة على صنع الأجيال وبناء الأسر والمجتمع ولا نبدي مخاوفنا تجاه ذلك، وإذا كنا نثق فيها بأن تمثل بلادها وأمتها على منابر العلم، والثقافة في العالم كله، فما المبرر من مخاوفنا هذه على مشاركتها في أمر أقل خطورة وأهمية ألا وهو الحياة السياسية؟! ولست أدري ما الذي سيحدث لو ان المرأة شاركت في الانتخاب او الترشيح، واذا كنا واثقين من ان المرأة سوف تشارك في ذلك، ان في القريب العاجل، او في البعيد الآجل، فلماذا نصر على ان نفتح ابوابا نحن قادرون على اغلاقها، ونحن إن شاء الله رابحون، خاصة اذا تذكرنا جميعا اننا مستهدفون، ولا يجرؤ أحد على نفي ذلك، أو انكاره، واذا تذكرنا ايضا قصة الحمل الذي كان يرعى في اعلى الجبل، والذئب الذي كان يتصيد في اسفله، وصرخ بالحمل: لماذا تعكر عليَّ صفو الماء؟ لآكلنك جراء فعلتك هذه!! ومع استغراب الحمل لهذا الافتراء الصريح، ولمعرفته الفطرية بقوانين الطبيعة، حيث الماء يجري من الاعلى الى (الاوطى) إلا انه كان يعلم علم اليقين، ان ذلك الذئب يبحث عن ذريعة - مهما كانت خائبة- لافتراسه.. ومع ذلك لم يمنعه ذلك من الخروج للرعي، والتشبث بحقه في الحياة، لكنه في الوقت نفسه، أخذ يبحث عن طريقة جديدة يسد بها الذرائع (الذئبية) البغيضة الوافدة من خارج أسوار أوطاننا.... وتاليتها؟!!!!!!!
|