Wednesday 24th November,200411745العددالاربعاء 12 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لما هو آت لما هو آت
سلوك يحرج الأكاديمية... (1)
خيرية إبراهيم السَّقاف

تحدثني بعض الدارسات في المستويات العليا عن دهشتهنَّ من اجتراء بعض من يقومون أو يقمن بتدريسهنَّ على جهودهنَّ..., إذ تقول إحداهنَّ: طلبتْ منَّا إحدى أُستاذاتنا تحضير مَرَاجع للمقرَّر من المكتبات الموجودة في المدينة، ثمَّ بعد ذلك بالكتابة عن الموضوع وجزَّأتَْه تناقشنا فيه، ونسلِّمها الملخَّصات أولاً بأوَّل ومن ثمَّ البحث في نهاية الفصل الدراسي. وعندما حضرنا لها في مناسبة علميَّة، وفي أثناء قراءتها لورقة عملها صُعقنا بأنَّها تقرأ نصَّاً بين يديها هو خلاصة جهودنا بل (جهدي الشخصي) قالت إحداهنَّ. لم يكن من رأي يمكن أن أجيب به هذه الدارسة النَّابهة وزميلاتها، إلاَّ أن أحاول ثنيها عن هذه الفكرة إذ رُبَّما تَشَابُه أفكار، فإذا بها تؤكِّد أنَّه بحثها وأنَّه موضوع المقرَّر الذي كانت تدرسه هي وزميلاتها وأعدَّت له هذه الورقة من قبل التي سمعتها مع بعض التحسينات عليه التي أجرتها الدكتورة، وأسندته لنفسها.
لا أدري كيف يحدث مثل هذا في أروقة الجامعات، ثمَّ لم تكن هذه المرة الوحيدة التي أستمع فيها إلى مثل هذه الاعترافات...، ذلك لأنَّ كثيرين من أساتذة الجامعات يفرضون على طلاَّبهم وطالباتهم القيام بأنشطة هي في صالح بحوثهم، وعند مناقشتهم يدَّعون بأنَّه الأسلوب الأَمثل لتدريب طلبتهم، وبذلك يحسبون أنَّ جهود طلاَّبهم هؤلاء هي جزءٌ من ملكيَّتهم الخاصة، بينما ينسون أنَّهم ينخرطون في أداء عمل يأخذون عنه مقابلاً مادِّيَّاً، وتدريسهم لا يخوِّل لهم استلاب جهود طلاَّبهم هؤلاء.
رُبَّما يكون في فرض وضع عناوين أوراق عمل طلاَّب وطالبات الدراسات العليا ونسخة ممَّا يكتبون في مكتبات الأقسام المختصَّة لتكون رافداً لمن يأتي من الدارسين من بعدهم خير ضابط لمثل هذه المواقف التي تحرج (الأكاديمية) في مفهومها الأساس: العطاء للباحث من الدارسين بلا حدود، ومع العطاء العلمي هناك قُدوة في الفكر، والسلوك، والأمانة، والتجرُّد، والوفاء للمسؤولية العلميَّة التي هي جزءٌ من الرسالة كما قال عليه أفضل الصلاة والتَّسليم: (العلماء ورثة الأنبياء). إذ النَّبيُّ خيرُ قُدوة للمعلِّم في جوانب البذل الصَّادق، والأمانة التَّامة، والموضوعية المجرَّدة، والتقوى التي لا تنحاز قيد أنملة بعيداً عن مفهوم حقيقة أنَّ الله يرانا إن لم نكن نراه.
تلك هواجس داهمتني،
بعد أن غادرت طالبات الدكتوراه حجرة مكتبي...
انفض جمعهنَّ...
ولم تغادر أصواتهنَّ أُذنيَّ وهنَّ يفضين بألم الحائرات...
ويسألن عن مدى حدود (الأستاذ) في التعامل مع جهود طلاَّبه العلميَّة في أثناء الدراسة معه؟!... رغبةً في الاطمئنان...
تلك الحدود التي يتجاوز خطوطها الحمراء ثلَّة منهم...
بينما: الوقوف عندها يضع الطالب في الكفَّة الموازنة للميزان...
دون أن ترجح كفَّة (الأستاذ)...
تلك كفَّة الحقِّ المُطْلَق الذي يُسأل عنه، شأنه شأن أيَّ حقٍّ وضع الله له الحدود، وأقامها..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved