*الرياض - فهد الغريري-تصوير - سعيد الغامدي:
أكد الدكتور زهير رهبيني استشاري طب الأطفال والطب الوراثي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ورئيس قسم الطب الوراثي وعضو الجمعية الأمريكية للطب الوراثي على خطورة الأمراض الوراثية التي تنتشر في المجتمع السعودي، وطالب وزارة الصحة بأن تشن حملة وبرنامجاً بالتعاون مع الوزارات الأخرى لمكافحة انتشار هذه الأمراض على غرار حملتها لمكافحة الأمراض المعدية، ومن خلال معايشته لها يصف رهبيني الأمراض الوراثية بأنها (إشكال كبير) .
كما أشار زميله الدكتور سامي القرعاوي استشاري الطب الوراثي وعالم الأبحاث الحاصل على دكتوراه في علم الوراثة إلى عدم وجود أي علاج فعال لهذه الأمراض حالياً، وأنه حتى يكتشف العلاج يجب أن نطبق مبدأ الوقاية خير من العلاج عن طريق الفحص الطبي قبل الزواج لمنع انتشار هذه الأمراض، كما أكد بشدة على ضرورة أن يكون هناك توجيه من قبل كليات الطب للطلاب الجدد إلى تخصصات الأمراض الوراثية بحكم قلة الكفاءات البشرية الموجودة الآن في المملكة مقارنة بحجم المشكلة.
كان ذلك أثناء زيارة قامت بها (الجزيرة) في قسم الطب الوراثي بمستشفى الملك فيصل الذي أكد رهبيني أنه الوحيد من نوعه في العالم العربي، وتضمنت الجولة الاطلاع على مختبر الوراثة الجزيئي وهو مختبر جديد يحوي أحدث التقنيات في مجال تحليل العينات ومسح الأمراض، كما تضمنت حوارا مع الطبيبين لكشف خطورة هذه الأمراض على المجتمع السعودي الذي اشتكى الطبيبان من افتقاده للوعي بهذا الخصوص، فإلى التفاصيل:
تأسيس القسم ووظيفته
* دكتور زهير بوصفك رئيساً لقسم الطب الوراثي متى أسس وما طبيعة عمله؟
- قسم الطب الوراثي أسس في يوليو 2001م وعلى مستوى المملكة إلى الآن هو الوحيد، له ثلاثة أقسام: التشوهات، أمراض التمثيل الغذائي، والاسترشاد الثقافي، وأكثر الحالات في المملكة من أمراض التمثيل الغذائي وهو جزء من الأمراض الوراثية ونسميها الأمراض المتنحية بمعنى أن الأم والأب يحملان المورثة مما يجعل هناك فرصة بنسبة خمسة وعشرين بالمائة للإصابة في كل حمل، وطبعا زواج الأقارب له علاقة لأن الجينات المشتركة تكون أكثر، والمستشفى هنا هو الوحيد الذي تحول له هذه الحالات فصرنا نعرف طبيعة الحالات الوراثية التي تحول من مناطق المملكة المختلفة، ومن بينها أمراض الانيميا المنجلية المنتشرة في المنطقة الشرقية ثم المنطقة الجنوبية.
لا يوجد علاج
* أعرف أن أمراض الأنيميا المنجلية ليس لها علاج كافٍ بل فقط مسكنات ومهدئات، فهل باقي الأمراض التي ذكرتها هي من نفس النوع؟
- د. زهير: أمراض التمثيل الغذائي لها حمية مثل مرض السكر، فالمادة الضارة لو كانت بروتينات نعطي الطفل حمية من البروتينات، لكن يبقى الوقاية خير من العلاج لأن هذا العلاج يستمر مدى الحياة فهو لا يقضي على المرض.
د. سامي: هناك علاج عن طريق الجينات ولكن هذا لا يزال تحت الدراسة وفكرته محاولة تغيير في نفس جينات المريض بحيث تستطيع تكوين هذه الأنزيمات، وهناك أبحاث عالمية على مرضى ولكنها لم تنته حيث ظهرت نتائج إيجابية ولكن حاليا المتبع هو طريقة الحمية ولكن قبل ذلك لا بد من تشخيص الجينات وهذا يتم عن طريق الأجهزة الحديثة التي خصصنا لها معملاً خاصاً وهي الوحيدة من نوعها في المملكة.
طريقة اكتشاف المرض
* وهل يتم ذلك عن طريق اختبار الدم فقط؟
- د. زهير: هناك تشخيص ما قبل الحمل وهو موجود لدينا بحيث إنه إذا كانت إحدى هذه الأمراض موجودة عند عائلة فنقوم بالتلقيح خارج الرحم فنأخذ خلية واحدة ونفحص الجينات فإذا كان سليماً يعاد إلى رحم الأم، والحمد لله أن النتائج الناجحة تقدر بالعشرات.
* ماذا لو لم تراجعكم الأم إلا بعد الحمل؟
- د. زهير: هناك طريقتان، إما نأخذ خزعة من عنق الرحم ونقيس الأنزيم أو فحص المورثة، أو نأخذ من السائل الموجود حول الجنين، وهنا نعرف أن الجنين سليم أو مصاب وفي هذه الحالة ليس هناك طريقة علاجية لتدارك الوضع.
* وماذا عمّا بعد الولادة؟
- د. زهير: هذه نسميها الفحص المبكر، وفي المستشفى هنا أي طفل يولد نعمل له هذا المسح على ثلاثين مرضاً وراثياً، وهذا غير موجود في وزارة الصحة وهم في طور تطبيقه على مستوى المملكة، وهنا نطبق الحمية أو نستخدم المواد الحافزة ومهمتها تنشيط الإنزيم عندما لا يكون على درجة الصفر بل خمسة أو عشرة في المائة.
د. سامي: الهدف هو تشخيص المرض وقت الولادة وتتابع الحالة مباشرة لأن التأخير أيام بسبب مضاعفات تتسبب في صعوبة العلاج، وهذا يحدث لأطفال يولدون في مستشفيات أخرى يأتوننا بعد أسبوع مثلا ولكن حالتهم تكون متأخرة.
الفحص غير مكلف
* هل عملية الفحص المبكر مكلفة؟
- د. زهير: لا أبداً الفحص غير مكلف وهو لا يتجاوز مبلغاً بسيطاً، لكن الإشكال لو كان الطفل مصاباً لأن العلاج مكلف، وأيضاً علاجه لو اكتشف المرض منذ ولادته أقل تكلفه بكثير مما لو تأخر الفحص وأصبح الطفل معاقاً لأن هذا المعوق تكون أمه مشغولة والأب يكون مشغولاً ويحتاج إلى عناية خاصة ومدرسة خاصة وربما ممرضة في المنزلة، فكل هذه تكاليف على عاتق الأهل والدولة، أضربُ لك مثالاً بالغدة الدرقية لو لم يكتشف عند الولادة يخرج الطفل متخلف عقليا ولكن لو اكتشفته مبكرا قيمة العلاج لا تتجاوز مائة ريال سنويا ولكنه يخرج طفلاً طبيعياً، وهذا الفحص بالذات تطبقه وزارة الصحة، وهذا المرض يقدر في المملكة عدد الإصابة بأنه حالة من ثلاثة آلاف مولود.
د. سامي: إذا أردنا أن نبدأ من الأساس فالفحص قبل الزواج هو أول خطوة حيث تمنع احتمالية وجود المرض أساساً، ثم يأتي بعد ذلك فحص ما قبل الحمل ثم الفحص أثناء الحمل ثم المسح المبكر بعد الولادة، الهدف الذي نحاول أن نركز عليه هو الفحص قبل الزواج.
تخصيص الفحص قبل الزواج
*ولكن الفحص الطبي قبل الزواج المقرر الآن يشمل مرضين فقط هما الأنيميا المنجلية والثلاسيميا فلماذا هذا التحديد؟
- د. سامي: نحن أيضاً نسأل.
- د. زهير: الأمراض الوراثية المعروفة تقدر بعشرة آلاف نوع، الطفرة في المورثة تصدر بروتيناً غير طبيعي وهذا البروتين إما أن يكون داخل الخلايا أو أن يكون في الدم كما هو في الأنيميا المنجلية والثلاسيميا من النوع الثاني، أما في أغلب الأمراض الوراثية الأخرى لا تستطيع قياس هذا البروتين لأنه يكون داخل الخلية وهنا تبقى المشكلة ووزارة الصحة ليس لديها القدرة على معرفة الطفرات الجينية، ونحن لا يوجد عندنا كل العشرة آلاف مرض ولكن لدينا أمراضٌ خاصة بالمجتمع السعودي فكل مجتمع له طفرات وراثية معينة، وهذا المختبر الموجود لدينا هو الحل حيث ننظر للطفرات الوراثية حسب الاحصائيات الموجودة لدينا فنحن نعرف أن العائلة أو القبيلة أو المنطقة الفلانية لديهم مرض محدد وذلك نظراً للحالات التي تحول إلينا منهم، ونحن إذا عرفنا الطفرة الوراثية الخاصة بهم فهذا يسهل عمل تحليل للدم بحثا عن هذه الطفرة بالذات وهذا التحليل يحتاج إلى مختبر خاص وهو الذي أنشأناه في المستشفى.
|