Wednesday 24th November,200411745العددالاربعاء 12 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

رحم الله أبا المعلمين رحم الله أبا المعلمين
أحمد بن يحيى البهكلي(*)

عرفت أخي ابراهيم بن عبدالرحمن الدريس عام 1403هـ عند وصولي الى بلدة بلومنجتون في ولاية إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد كنت مبتعثاً للدراسة العليا الى جامعة إنديانا حيث كان الراحل يحضر أطروحته لنيل درجة الدكتوراه في ادارة التعليم العالي، وكان من أوائل السعوديين الذين حصلوا على هذه الدرجة العالية في ذلك التخصص النادر المهم. وقد كان أبوعبدالرحمن رحمه الله من أعمدة الجالية المسلمة في تلك البلدة، ومن باب أولى كان من أبرز السعوديين ذوي النشاط الوافر في خدمة اخوتهم الوافدين الجدد الى تلك البلاد.
وكنت ممن نالهم اهتمام الرجل بما لا أذكره إلا لأشكره عليه وأدعو له بظهر الغيب وعلى رؤوس الأشهاد.
أنهى أبوعبدالرحمن درجة الدكتوراه في العام 1403هـ، وعاد إلى أرض الوطن ليسهم في المسيرة الحافلة لقافلة التعليم في البلاد. وحيث إنه من رجال وزارة المعارف البارزين، فقد أوكل اليه وزير المعارف آنذاك الدكتور عبدالعزيز الخويطر الادارة العامة للكليات المتوسطة لاعداد المعلمين، وهي من أهم الادارات العامة في الوزارة إن لم تكن أهمها، حيث إنها الجهة المسؤولة عن اعداد المعلمين في الوزارة. وقد شهدت هذه الكليات نقلة نوعية وكمية في الحقبة التي تولى الراحل ادارتها من العام 1404هـ الى العام 1412هـ؛ فقد تحولت تلك الكليات في هذه الحقبة من كليات متوسطة تمنح الدبلوم المتوسط الى كليات جامعية تمنح درجة البكالوريوس وأصبح اسمها (كليات المعلمين)، وذلك في العام 1409هـ. كما وصل عددها الى ثماني عشرة كلية تنتشر في سبع عشرة مدينة من مدن المملكة العربية السعودية، وينتمي اليها أكثر من ثلاثين ألف طالب ومتدرب يقوم بتدريسهم أكثر من ألفي عضو هيئة تدريس نصفهم من السعوديين. ولقد كنت أحد شهود هذه الخطوة التطويرية أثناء عملي في كلية المعلمين بالرياض من العام 1408هـ الى العام 1413هـ. لقد كان ابراهيم الدريس لكل ذلك (أبا المعلمين) دون مبالغة.
وحين أسندت وزارة المعارف (التربية والتعليم) الى الدكتور محمد الرشيد عام 1416هـ، اعتمد على الراحل في مهمات كثيرة أكدت مكانته العالية في الميدان التعليمي والتربوي؛ ومن ذلك وكالة الوزارة للتعليم الموازي والأمانة العامة لسياسة التعليم. ولم يكن عطاء الرجل تقليديا محصوراً في مهام الوظيفة الرسمية، بل كانت له رؤية واضحة في سياسة التربية والتعليم في المملكة، وذلك ما جعله ملتقى اللجان الكثيرة من خلال عضويته المؤثرة فيها. وقد حظيت بمزاملته - رحمه الله - في عضوية الأسرة الوطنية لاعداد المعلم عام 1417هـ، ولمست عن كثب أفكاره الناضجة ورؤاه المستقبلية لعملية اعداد المعلمين في المملكة العربية السعودية ولغير ذلك من الموضوعات التي يتشعب اليها الحديث. كما أفدت من براعته في عرض أفكاره وحكمته في التعامل مع أفكار الآخرين ونزوله عندما يجد فيه الحق منها. وكل ذلك بأسلوب سهل ممتنع ولطف في الحوار وبديهة حاضرة ترفدها ثقافة عالية والتزام قوي بالثوابت العقدية والفكرية غير قابل للمساومة.
رحم الله فقيد الوطن أبا عبدالرحمن ابراهيم الدريس وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن أمته ووطنه وعن العلم وطلابه خير الجزاء. وإنا لفراقه لمحزونون، لكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ولذريته وأهله ومحبيه الكثر خالص العزاء والدعاء أن يجبرهم في المصاب الجلل بخير، وأن يلهمهم الصبر ويجزل لهم الأجر.
وهذه أبيات استللتها من قلب يعتصره ألم فقد الراحل الحبيب:


على مثله تبكي البواكي وتندبُ
فوا لهف نفسي حينما البدر يغربُ
طوى الموتُ إبراهيم طيَّ صحيفة
ولكن فيها ما يسر ويعجِبُ
صلاحٌ وإيمانٌ وطيبُ سريرةٍ
وصائب تفكير وعقل مجربُ
إذا ما دعا داعي المكارم والندى
فإنك منا للمكارم أقربُ
وقد كنت ينبوع الأمان إذا الظما
تَعسَّفَنا، من نبع فكرك نشربُ
قضيت سنين العمر تبني ولم يزل
بناؤك يعلو ما نبا عنك مطلبُ
سيكتبك التاريخ في صفحة الثنا
وهل في سواها الرائد الفذ يكتبُ؟!

(*)جازان


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved