هل نريد صحافة حرة .. إذن فلنحتمل أخطاءها .. ولنشرح صدورنا أكثر لنحتمل هذه الفترة الانتقالية الحرجة التي يمر بها مجتمعنا.
** على الشخصيات العامة أن تدرك من اليوم وصاعداً أنها مادة دسمة للصحافة ، وأن الصحفيين الذين فتح بعضهم عينيه تدريجياً وسار متوازناً وبعضهم فتح عينيه دفعة واحدة فتخبط قليلاً وفقد توازنه.
** والصحف ليست بمنأى عن الأضرار ، فهي إما أن تحصد السبق وتثق بمراسليها وتعطي أخبارهم المثيرة فرصة سريعة للنشر ، قبل أن يلتقمها غيرهم فيكونوا نادمين ، أو أن يتجاهلوا فكرة السبق الصحفي ويتأنوا في النشر ، حتى يأتي المحرر بمؤكدات جازمة للخبر ، والوقت بالنسبة للصحافة هو قضية حياة أو موت.
فإما أن تفوز باللذة لجسارتك وإقدامك ، وإما أن تظل دائماً متأنياً تحسب ألف حساب لكل خبر وصدقيته ، فلا تحقق سبقاً ما حييت إذ الآخرون يتجاوزونك ..
هي معادلة دقيقة .. بإمكاننا تجاوزها وتحقيق ما هو أعلى منها .. بقليل من الصبر والتأني من قبلنا نحن كمجتمع ، وعدم الجنوح للنيل من نيات الصحافيين فهم في النهاية يخدموننا بهذه المساحات من الورق .. وحرية الصحافة - على أن تكون موضوعية - واحدة من أهم أوجه الإصلاح الذي تنشده الدول والمجتمعات المتحضرة ..
إذ تبقى هي ترمومتر المجتمع ومرآته العاكسة .. وأعتقد اننا جميعاً متفقون على أننا خسرنا الكثير في تعاملنا مع الصحافة والنشر والتحفظ والتكتم ، فقد تسرب الماء ورطب جدراننا وأودعها هشاشة مفاجئة ، استيقظنا جميعاً على شباب ينفقون أموالنا التي ندفعها للفقراء ويجمعون بها السلاح والذخيرة لكي يقتلونا .. إننا بحاجة ماسة للإبقاء على مكتسبات هامش الحرية - المعقول والمقبول - الذي حصلنا عليه في ساحة الصحافة ، ويفترض أن يسعى المجتمع ومؤسسات الدولة لدعم الصحافيين والكتاب بمزيد من الشفافية ، وعلى هيئة الصحفيين أن تقوم بدورها التثقيفي لمهنييها الذين ينتمون لها ، بحيث ترتفع لديهم حاسة الانتماء للوطن أولاً ومصالحه العليا ، وأهمية الإبقاء على وحدته والتأكيد على مصداقية الخبر ومهنيته ، فناقل الخبر يلزمه أن يكون حيادياً في نقل الخبر لا أن يورد رأيه فيه ، فالخبر فن مختلف عن تحليل الخبر وعن الرأي.
** وعلى هيئة الصحافيين أيضاً أن تعلن عن وجود لجنة تعنى باستقبال القضايا المتعلقة بتضرر المواطنين أو المؤسسات من أخطاء الصحافيين ،
وهي بذلك ستدفع المجتمع كله إلى الثقة بها وستدفع الصحافيين أيضاً إلى تحري الدقة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .. لأننا ندرك أن تحري الدقة بشكل كامل سيفقد الصحافة مهنيتها وإثارتها وسباقها الصحفي نحو التميز والانفراد.
** لست منحازة للصحافة على حساب الآخرين .. بل إنني منحازة لحرية الصحافة المنضبطة بالمصداقية والمبنية على استراتيجية تخدم الوطن ومصالحه وسبل وحدته الوطنية وتماسكه ، وعدم القفز على ذلك كله لتحقيق إنجازات شخصية على حساب الوطن من قبل الصحافيين أو غيرهم.
** إنني أتوجس خيفة على هذا الهامش الجميل من الحرية ، فيما نحن نتلفت حولنا لنجد فوهات البنادق تسدد إلى قلوبنا .. ويتساقط منا الشهداء ويتيتم الأطفال وتترمل النسوة الشابات ويكفكف الآباء والأمهات ومعهم مكلومون بمصائب عدة ، فالقاتل والمقتول هم من الأبناء والجيران وكلهم في النهاية أبناء وطن !
* دعونا نتحدث في النور وتحت أشعة الشمس.
012254637 |