من المؤكد أن ضعف أمة الإسلام في هذا العصر ناشئ من خللٍ فيها هي، وهذا الخلل مرتبط بتفريطها في مصادر قوَّتها الحقيقية (دينها الحنيف).
يتكالب الأعداء، ويتَّفق الطامعون، ويرجف المرجفون، ويتطاول المتطاولون في كلِّ زمان ومكان، ولا يلزم أن ينجح أهل الباطل في الوصول إلى أهدافهم، وتحقيق أغراضهم، وتنفيذ مخطَّطاتهم، إذ يمكن لأمتنا أن تقف صامدة في مواجهة ذلك كلِّه، وأن تحبط كلَّ ما يخطط له الأعداء في النَّيل منها.
إنما ينجح الأعداء فيما يريدون من أمتنا لأن هذه الأمة أصبحت مفتوحة الأبواب أمامهم، وأصبحت ضعيفةً في مواجهة خططهم، فكانت النتيجة - مع هذه الحالة - أن الأعداء وصلوا إلى كثيرٍ مما أرادوا وهم لا يكادون يصدقون أنفسهم.
إن ضعف الأمة هو الذي جعل تحقيق مرامي الأعداء منها واقعاً معاشاً.
وضعف الأمة المسلمة داءٌ فتَّاك له أسباب مهَّدت لجراثيمه أن تحدث خَلَلاً في جسد الأمة الواهن، وأن تُضعف قوتها، وتشلَّ قدرة جهاز المناعة فيها، فيجد الداءُ طريقه ميسورة إلى أعضاء جسدها الواهن.
داؤنا فينا..
تفكُّك واضح، وفقدان للتوازن يعيشه المسلمون، وبعدٌ عن الله سبحانه وتعالى بمستويات متباينة، منها ما هو بعيد عميق، ومنها ما هو قريب ليس له عُمْقٌ خطير، ولكن ذلك البعد - في مجمله - يضعف الأمة بكاملها.
هنالك جراثيم فكرية وثقافية منتشرة في أمتنا الإسلامية، وهنالك أمراض نفسية تفتك باستقرارها، ويقينها واطمئنانها، وتجعلها ضعيفة عاجزة عن مواجهة الجراثيم التي تغزو جسمها من كان ناحية.
في كيان الأمة سوس ينخر في عظامها، يتمثَّل في فريقٍ من أبناء المسلمين، تشبَّعوا بثقافة العدو وفكره، وعقيدته - أحياناً - فأصبحوا مرضاً آخر داخل جسد أمتنا يضعفها ويتيح الفرصة لأعدائها أن يحققوا ما يريدون من السيطرة عليها وإذلالها.
وهذا السوس (جزء من الداء الفتَّاك) الذي تعاني منه أمتنا.
إن التأمُّل في حالة أمة الإسلام في هذا العصر، بكل ما يجري فيها من لهو وعبث وانحراف عن طريق الله المستقيم، يصبح على يقين من أنَّ داء الأمة فيها، وأنَّ مواجهتها لخطط أعدائها ممكنة لو أنها أمةٌ متماسكة قوية.
مؤامرة الأعداء موجودة، وكيدهم موجود، وأبواقهم الإعلاميية موجودة، لا ينكر ذلك إلا مكابر أو فاقد للإحساس.
ولكنَّ ذلك كلَّه ما كان ليعطي ثماره في أمتنا لو أنها أمة متماسكة متمسكة بدينها تمسُّكاً صحيحاً منبثقاً من إيمانها الذي لا يتزعزع بكتاب الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وتطبيقها لهما.
إشارة
داؤنا فينا ولو أنا التزمنا
بكتاب الله ما استفحل داءُ |
|