بدأ مؤتمر شرم الشيخ في الموعد الذي حُدِّد له، وحضرت كل الأطراف التي يُعتقد أنها ستساهم في حل المشكلة العراقية، وهي الدول المجاورة للعراق بالإضافة إلى مصر والدول الثماني الكبرى والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
إنّ حرص وزراء خارجية الدول المشاركة في المؤتمر على الحضور، والمساهمة في أعمال المؤتمر يُظهر ويؤكد الرغبة الصادقة في إيجاد حل ينهي المشكلة الآخذة في التوسع والكبر .. فبالإضافة إلى كوفي عنان تواجد كولن باول ووزراء خارجية روسيا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق.
هذه المشاركة العالية المستوى لا تعوِّض المشاركة المنقوصة للتمثيل العراقي الذي اقتصر في مؤتمر شرم الشيخ على وفد الحكومة المؤقتة .. وهذه الحكومة بالرغم من الإقرار الدولي بأحقيتها في تمثيل العراق في المؤتمرات والمحافل الدولية، إلاّ أنّ مؤتمر شرم الشيخ يبحث قضايا عراقية خلافية، ويتلمَّس المشاركون في المؤتمر وسيلة لترسيح الوحدة الوطنية وخلق آليات جديدة لإشراك جميع الفعاليات السياسية العراقية التي لا تزال بعيدة عن المشاركة في صنع وصياغة القرار في العراق .. ولهذا فإنّه كان من المفروض بل ومن المُلحِّ إشراك الفعاليات العراقية السياسية المبتعدة والمغيَّبة عن الفعل السياسي العراقي، سواء لاختيارها العمل خارج العراق، أو لاستبعادها بسبب العمليات العسكرية ضد أنصارها بحجة معارضتها للوجود العسكري.
وإذ كان مؤتمر شرم الشيخ قد أكد على إتمام العملية الانتخابية في الموعد المعلن الثلاثين من كانون الثاني (يناير) في مطلع العام القادم، فإنّ إهمال وتجاهل الفعاليات العراقية السياسية الأخرى يجعل من إمكانية مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات أمراً مشكوكاً فيه، لسبب بسيط هو عدم تمكن العديد من هذه الفعاليات، وبالتحديد الذين يعارضون وجود قوات الاحتلال الأجنبي في بلادهم، من المشاركة في الانتخابات سواء لعدم الرغبة في المشاركة تخوفاً من ممارسة ضغوط ضدهم، أو عدم وجود مناخات سياسية وأمنية تكفل لهم حيدة وسيراً منصفاً للانتخابات .. ولهذا فقد فوَّت مؤتمر شرم الشيخ فرصة طيبة لمعالجة جراح معارك الفلوجة وسامراء والنجف، بدعوة الأطراف السياسية التي تعمل لإخراج القوات الأجنبية دون التورط في العمليات الإرهابية، وهو ما يعني إشراك جميع العراقيين في العملية السياسية بلا إقصاء ولا استثناء بتفضيل أطراف سياسية ومذهبية على حساب أطراف أخرى ..
|