الموت نهاية حتمية للفرد، وسنّة الله في الكون، قادم إلينا وإن ناضلنا بنية الفرار منه، والاحتماء، أو الاختباء، في أبراجٍ عاجيةٍ، وردّه بأدوية كيميائية، وعلاجات، وعمليات معقدة يظن الأطباء جدواها في شفاء من ألمَّت به وعكة صحية، أو التخفيف عنه ليحظى بسنوات عمر إضافية.
حيث إنه لا مفرَّ منه، ولا مناص عندما يقضي الله أمراً كان مفعولا.
لكن حينما نسمي به الأشياء، والجماد، يصبح قضاء مستعجلاً منا ضد نواميس الكون، وضد مشيئة الخالق - سبحانه وتعالى - كأسماء أطلقت على بعض ألعابٍ في مدن جُهزت للترفيه فغدت مدناً تحصد الأرواح آخرها مأساة وقعت في مدينة ترفيهية في (الخبر) بالمنطقة الشرقية حصدت أرواح ثلاث فتيات هن:
- رجاء عبد الله باخشوين 19 عاماً، طالبة بكلية المجتمع بالقطيف، سنة أولى حاسب.
- ريم طالب السعدي 22 سنة، متزوجة ولديها طفلة لها من العمر 4 أشهر.
- والثالثة لم أقع على اسمها بعد.
هؤلاء الفتيات كن على (متن) لعبة ولكن أي لعبة..!!
لعبة يطلق عليها (قطار الموت)، والمسمَّى وحده كافٍ لينبئ بما يحتمل حدوثه لراكبيه.
الموت نخشاه، ونخافه، وننفق الغالي في سبيل إبعاده عن أنفسنا ومن نحب، وفي الوقت نفسه نتساهل في إطلاق مسمَّى (قطار الموت) على لعبة نجدها في أكثر المدن الترفيهية.. فهل هو فأل شر؟ وإلى أي مستوى وصل بنا البرود واللامبالاة حتى نسمح بإطلاق هذه الأسماء على لعبة أدرجت ضمن ألعاب في مدن انشئت للترفيه والتسلية والترويح عن نفوس الصغار والكبار.
الواقعة حدثت بعد مغرب الجمعة، آخر أيام إجازة عيد الفطر.
والمصيبة التي ألمت بالفتيات الثلاث، وحلّت بأهلهن وذويهن وقعت وهن في قطار تنبأ صانعوه وراكبوه ومشغلوه بنتائجه الحتمية المأساوية، بمجرَّد أن أطلق عليه (قطار الموت).
فهل لفظة الموت لا تربكنا إلا ساعة حدوثه ؟!!
ونتهاون في ركوبنا، وركوب أبنائنا والآخرين فيه.. ورفع الصوت بالصراخ، مع الانزعاج من صوت ارتطام عجلاته حين الهبوط.. وفراغ القلب والصدر من الهواء - خوفاً - لحظة الصعود والارتفاع.. وعندما نسأل أي لعبة لعبتِ.. تقول: (قطار الموت).
وأي لعبة تفضلين: تجيب : (قطار الموت) ومن لا يركبها فهو جبان، خائف، وليثبت عكس حدسنا يركبه وفرائصه ترتعد خوفاً، ولا يبدي خوفه..!! وبمجردد انتهاء شوط اللعبة يتنفس الصعداء، وينزل عاقداً العزم على عدم تكرارها مرة أخرى.
فعل ارتعدت فرائصنا ونحن نقرأ اسم اللعبة (قطار الموت)!!
للاسم من حامله نصيب - كما يقولون - وكان لقطار الموت نصيب من اسمه بحصده لأرواح ماضية، وأرواح الفتيات (مؤخراً) فقد ختمن إجازة عيد فطر هذا العام بالموت على يد قطار شبيه بالطائرة وأشد حين إقلاعها، وتحليقها، وهبوطها.. فهل ينظر في شأن الألعاب الخطرة تلك وأسمائها طالما ان الإهمال واضح في مسألة متابعتها، وصيانتها صيانة دورية جدية وليس لتعبئة ورق وملء فراغ يزعم أنه تأكد من صلاحية اللعبة.
مدن الترفيه بألعابها الخطرة تحصد بمستوى حصد المركبات للأرواح، وزيادة.. ونخشى (لاحقاً) وقوع تنافس بين مدن الترفيه، والمركبات في أيهم تحصد أرواحا أكثر.. ونحن مستمرون في التباهي بأن المنطقة الشرقية تحوي 22 مدينة ترفيهية تختم الإجازات الرسمية (في الغالب) وإجازات الأعياد بالموت كما حدث سابقاً في مدينة ألعاب بمحافظة(القطيف) حيث تعرض أكثر من 7 أشخاص لإصابات مختلفة توقف بهم فجأة (القطار المعلّق).. ومشكلة أخرى في محافظة (الأحساء) فقد نجا 6 أطفال بعد أن سقطت بهم إحدى الألعاب داخل مدينة ترفيهية مغلقة في المبرز.
يقلقنا أن تتكرر مآسي مدن الترفيه فتختم الأجازات والأعياد بالموت أو الإصابات البليغة, والعاهات المستديمة.. اللهم لا اعتراض.
ص.ب. 10919 - الدمام 31443
|