إنني عندما أتذكر العلماء الأقدمين وأتخيلهم أقف حائراً، وفي نفس الوقت معجباً ماذا أقول بماذا أتكلم بماذا أنطق ولكن ضميري لا يسمح لي أن أقف أمام هذه التخيلات متجاهلاً ما لهم من فضلٍ على الإنسانية وتنوير الإنسانية وتفسير الحقائق وبعد جدالٍ بيني وبين ضميري أحسست أنني مخطئ وضميري هو المصير، فأخذت قلمي لأكتب بعض ما لهم من فضائل على الإنسانية، وإن كنت لا أستطيع حصرها ولكن لأريح ضميري وأستريح، وفي هذا المضمار أتناول بعض علماء العرب المسلمين، ومن كبار أطباء المسلمين ابن سينا والرازي وكانوا موسوعيين لديهم معرفة بالفلك والنبات والكيمياء وتحضير الأدوية والفلسفة والرياضيات.
والواقع أن أغلى رجال الفكر الإنساني كانوا أطباء يمارسون هذه الحرفة حتى جابر بن حيان الكيميائي الكبير كان يعالج المرضى في بعض الأحيان ويمارس الطب وتقدم العرب بشكل خاص في دراسة أمراض العيون وأغلبها ناجم من جو الصحراء والحر اللافح، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن اهتموا بدراسة تركيب العين الذي أدى بهم إلى دراسة العدسات والبصريات. وهنا برز اسم الحسن بن الهيثم، وهو أحد أئمة العلم العربي وله أعمال كثيرة في ميدان علم الضوء ويمكننا أن نقول إن ابن الهيثم قد وجد علم البصريات أفكاراً متناثرة مشكوكاً في بعضها فحقق الكثير منها ثم جمعها في نظام عام في نظرة عامة صارت النواة التي تكشف حولها علم الضوء ولم يكن ابن الهيثم عالماً في الضوء فحسب بل كتب ما ينوف على ثلاثة وأربعين كتاباً منها ما يتعلق بالرياضيات والعلوم التعليمية والفلسفة والعلم الطبيعي، بل إنه صنف كتاباً في الطب بلغت أجزاؤه حوالي الثلاثين وان ثمار العلم العربي العظيم لم تذهب مع أدراج الريح، لقد انتقلت هذه الثمار إلى أوروبا بعد قرون والشعلة التي أضاءت في العالم الإسلامي قد لعبت دوراً كبيراً في بعث شعلة جديدة في الغرب شعلة البعث العلمي في القرن السادس عشر. وأقول إن فضل هؤلاء العلماء لن يُنسى مما دارت عجلة الزمن وإلى اللقاء
إبراهيم العلي الرشودي |