مرَّت الأمم والشعوب في هذا العالم بالكثير من الأحداث والمواقف التي ما زالت راسخة في ذاكراتها مع الزمن، سواء كانت بطولات أو انتصارات أو تطوراً ثقافياً وحضارياً وانكساراً وهزائم وتقهقراً، وكل هذا جُمِع ووضع فيما يعرف بالتاريخ الذي يعتبر السيرة الحقيقية لواقع أي أمة وأثرها على هذه الأرض.
وجرت العادة في انك تجد أن الكثير من الشعوب تبحث عن الجانب المشرق في حضارتها وتحاول أن تجعل منه رمزاً يعاد عرضه وذكره لكي يعطي نوعاً من التميزعن بقية الشعوب، يضاف إلى هذا وهو إكساب أجيالها العزة والفخر بماضيها.ولكن أن يظل هو السمة الغالبة، والذي يطرح وبشكل دائم عند الخطاب الديني والثقافي والسياسي وربطه أحيانا بالحاضر الذي نعيشه فهذا يعتبر افلاساً فكرياً؛ لأن الوجه المشرق الذي حصل في السابق والذي نفخر ببعض منه ونسجله بحروف ذهبية لا يمكن يصنع واقعا جديدا فهو قد انتهى ولا بد من إطلاق الفكر نحو بناء يقوم على التفاعل مع متطلبات الحاضر وعدم البكاء والحسرة على الإطلال التي ما زلنا في دائرتها حتى الآن تكبل ذاكرتنا وتسيطر عليها، فنغرف منها في كل لحظة من حكاية إلى أخرى في سكون وجمود تبعث فينا الفخر والسعادة، ولكنها لم تغير واقعنا المتأخر.. فهل يعتبر هذا ملاذاً وهروباً من الحقيقة المُرَّة التي نعيشها من حالة الضعف وعدم التطور الذي جعلنا نتعلق بها؟.. اعتقد أن هذا هو الواقع، ونحن هنا لا نطلب أن يمحى من الذاكرة القيم الدينية والأخلاق التي سطرها الأولون والتي عادة ما تطرق أسماعنا في كل حديث ولقاء أو مناسبة وبشكل قد يكون شبه متكرر والتي من الأجدربناأن نأخذ منها أسلوب التعامل في واقعنا الذي نفتقده في بعض الأوقات.إن الركون إلى الذاكرة واستحضارها دائما عند كل حدث في محاولة لاستنهاض الهمم وجعلها مثل أحلام اليقظة الجسد في سكون وجمود والفكر يسرح في أحلام الماضي فإن ذلك لن يخلصنا من حالنا الذي تفتقد إلى فهم الواقع المتغير وكيفية التعامل معه من أجل ايجاد مجتمع منتج ومتقدم يأكل من عمل يده ولا يكون أسيرا لشعوب أخرى تتحكم في معيشته وقوته وتجعله حقل تجارب لمنتجاتها تستنزف قدراته وموارده المالية من خلال اغراقه في استهلاك محموم.. فمتى ندرك حقيقة العالم من حولنا ؟!.
|