الإرهاب ومنظومة المعرفة
منصور إبراهيم الدخيل /مكتب التربية العربي لدول الخليج

لا شك أن الممارسات الإرهابية التي قامت بها الفئة الضالة في المملكة العربية السعودية قد أحدثت تساؤلات في منظومة المعرفة كاملة وسط استغراب واندهاش من أبناء هذا الوطن، فالتربية والتعليم وضعت عدة تساؤلات لنفسها هل هي السبب في ذلك؟
وهل المناهج التي تدرسها تتضمن فكراً يناقض دين الوسطية التي تقدم للطلاب من خلال التربية الإسلامية ؟ بالتأكيد لا.. والدليل على ذلك أن هذه النسبة من الفئة الضالة افتراضاً لا تصل إلى واحد في العشرة آلاف وهذا مؤشر أن التعليم بريء من ذلك، كذلك وزارة الشؤون الإسلامية رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وجهت نفس السؤال لنفسها مع قناعتها بأنها لم تكن سبباً في ايجاد هذا السلوك للفئة الضالة لأنها تدرك أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي التي رسخت منهج الوسطية المستمد من كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - فمذهب الإمام احمد بن حنبل الذي يعتبر أحد المراجع الفقهية لعلماء هذه البلاد أعطى ولي أمر المسلمين الطاعة والاحترام وعدم الخروج عليه طالما أنه لم يعلن كفراً بواحا، وهذا النهج امتزج بفكر كل المنتسبين للعلم في هذه البلاد ويأتي في مقدمتها الجامعات السعودية المنتشرة في جميع مناطق المملكة واصبح فلسفة يؤمن بها الجميع بدءاً من العلماء الذين يرسخون هذا المنهج ومن ثم طلابهم الذين تأثروا بهم حتى أنه أثر على كافة الطلاب الذين ليسوا من طلاب العلم الشرعي ؛ لأن التربية الإسلامية في التعليم العام تقدم للطلاب وفقاً لهذا النهج، وزارة الشئون الاجتماعية كغيرها من المصالح الحكومية الأخرى وجهت الاتهام لنفسها لإيمانها بأن لها دوراً في المساهمة اعداد جيل صالح نافع لأمته، وبعد النظر في أفراد هذه الفئة الضالة اتضح أنهم لم يكونوا من المنتسبين لدور الرعاية الاجتماعية ولا حتى من خريجي مدارسها، وهذا معزز قوي للرسالة التربوية التي تقوم بها هذه الدور في بناء عقلية تربوية سليمة.. وزارة العمل التي لها دور مهم في التنمية من خلال استثمار سواعد الوطن في توظيفهم وتوجيههم إلى التخصصات المطلوبة كان لها مراجعات مع نفسها خوفاً من أن تكون سبباً في ايجاد هذه الظاهرة ولعل استقلال وزارة العمل عن الشؤون الاجتماعية يقطع الفرصة على المشككين في ذلك علماً بأن هذه الفئة الضالة لم تكن أسباب ممارستهم لهذا السلوك الوظيفة لأن فئة منهم تعمل في الدولة بوظائف مجزية..
كذلك مكتسبات الأمة التي عملت من أجلك ايها الضال تقوم بتدميرها وقد صرف عليها مئات الملايين من الريالات وأنت تعلم أن التنمية اليوم ليست مثل الأمس لأنها غالية التكاليف ، وقبل هذا وذاك ضحيت بنفسك في سبيل الشيطان وضربت بعرض الحائط أسرتك أمك وأبوك وأخوتك لم ترحمهم ولم تداري مشاعرهم حتى الصيحات الأخيرة للعفو نادتك أسرتك والدمع ينهمر من عيونها أين الرحمة وأين الدين الذي تدعي انك تعمل من اجله؟ ولكنه عمى البصيرة الذي جعلك تسترسل في ضلالك تفجر هنا وهناك.. وزارة الصحة التي تنفق آلاف الملايين في مكافحة الأمراض تستقبل مئات الجرحى بفعل هذه التفجيرات وهم كانوا قبل ذلك أصحاء كل ذلك بسبب عنادك وضلالك.
أخي القارئ الكريم: لقد أدركت معي أن الإرهاب الذي نعيش بعض صوره في المملكة العربية السعودية ليس من صنع مؤسس امتنا التربوية والدينية والاجتماعية إنما هو نتيجة لافرازات فكر دخيل على أمتنا.