الممارسة الانتخابية التي وفرتها المجالس البلدية لها أبعاد أعمق من الصورة العامة التي ظهرت بها على شكل تنظيمات ولوحات ارشادية ومواقع اقتراع وقوانين دقيقة ولوائح متعددة واستمارات مجدولة وناخب ومنتخب، وذلك عندما يقفز مفهوم (الانتخاب) كمفردة متداولة في النسق الثقافي المحلي يتجاوز بها كل أصناف الطرق التقليدية في مجال (تقلد المناصب) الرسمية. الاقتراع، الترشيح، التصويت، المجلس البلدي: مفردات جديدة في الذهنية المحلية هي الأخرى ظهرت كممارسة عملية تعطينا خبرة أولية في الترشيح وفق الكفاءة وليس وفق (المعرفة)، وتعطي الحق للجميع لأن يبرز نفسه ومواهبه ومشروعاته، بدون (وسيط مصلحة) يأتي بالقريب أو الزميل من الأعماق إلى السطح وسط ذهول المشاهدين والسامعين. هذا الحراك الحضاري كفكرة انتخابية يكسر كل صنوف التحزبات والأيدولوجيات والتنظيمات التي تتجمع من أجل (فكرة) مثالية يذوب الأعضاء فيها بفعل العقل الجمعي الذي ينسف الفردية ويحيلها إلى أداة لصالح (الزعيم) قابلة للتضحية من أجله في أي وقت والتي عادة ينتخب أفرادها وفق نظرية (أنت مثلي فأنت معي).
لعلنا بالانتخابات البلدية المرتقبة نصل إلى مرحلة مشرقة في تاريخنا الممتد، نكون فيه على مستوى الحدث الانتخابي نتجاوز به كل الأخطاء الانتخابية التي نراها حولنا خليجياً وعربياً ، ونكسر بها كل صور (الحراك الجمعي) حتى لا تحصل انتكاسة نعود بها إلى الوضع الإداري السابق، مثلما عادت فكرة (الثانوية المطورة إلى سابق عهدها؛ لأن الميدان التربوي بكل تفصيلاته لم يعِ حدود التجربة ومعنىالوقت في نظام الساعات).
|