Monday 22nd November,200411743العددالأثنين 10 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

لا.. لإهدار الأوراق الرسمية!! لا.. لإهدار الأوراق الرسمية!!

خبرٌ صغيرٌ في ركن أقصى من الصفحة الأخيرة بجريدة الجزيرة الغراء لكنه كبير في المعنى والدلالة والهدف إذا ما تم تفكيكه والتغلغل في ثنايا أسطره القليلات، ويحمد لوزارة الصحة أنها صاحبة القيادة والريادة دائماً في خلق الإبداع والتذكير بما يراه الناس هيناً وهو عند العارقين عظيم، فقد وجّه معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع في تعميم لكافة المديريات العامة للشؤون الصحية بمناطق المملكة وجميع المرافق التابعة لوزارة الصحة بعدم استخدام مطبوعات الوزارة الرسمية والتجهيزات المكتبية في تبادل التهاني أثناء الأعياد وشهر رمضان والمناسبات العامة، وعلل التوجيه بأن هذه التصرفات غير المسؤولة من بعض منسوبي الوزارة ترتبت عليها ضغوطات مالية على بند المطبوعات واستخدام تلك الأشياء في غير ما خصصت له فضلاً عن أنها تعتبر مخالفة صريحة للتعليمات الحكومية التي تحث على الترشيد في الانفاق والاستخدام الأمثل للموارد حرصاً على المصلحة العامة.
وأجزم أن الأمر الصادر من معالي الدكتور المانع جاء في وقته تماماً وتمشى مع توجيهات القيادة الرشيدة الداعية دوماً إلى عدم التبذير وبسط الأيدي بالمال العام سواء كان ذلك عينياً أو نقدياً، ولأن ذلك مدعاة للمفسدة والصرف غير المبرر الذي يصل في ظل غياب الرقابة إلى الخيانة والسرقة لا سمح الله، لذلك فإن قرار معالي وزير الصحة يمكن قراءته في هذا السياق وتحوطاً لما قد يحدث وهذه رسالة مبكرة للذين لايلتزمون باللوائح وأما أولئك الذين يحسبون أن الأمر أصغر وأهون من أن يصدر به توجيه صارم بحجة أن كتابة الموظف تهنئة على ورقة (مروسة) وإرسالها إلى من يرغب شيءٌ لايمكن أن ندخله في دائرة هدر الأموال، فنقول لهؤلاء ان من يستسهل ويستهين بصغائر الأشياء اليوم فإنه قد يهجم غداً على كبائر الأمور ومثلنا السائد الذي يعرفه كل كبير وصغير ينطق بالعربية يقول بأن (المرواد أفنى جبل الكُحل) ويُعني أن احتقار الأشياء الصغيرة مهلكة، فالآلة الصغيرة التي تستعملها النساء لتكحيل عيونهن لايستهان بها أبداً فكم من جبلٍ ضخم من الكحل زال عن الأرض بسبب هذه الآلة الصغيرة وهذا المثال لعمري ينطبق تماماً على أولئك الذين يتهاونون بالأشياء صغيرة كانت أو كبيرة.
وعندما نعود لقرار الوزير فإننا نعلم أنه ما اتخذ مثل هكذا قرار إلا عندما أيقن أن الضرر سيلحق بالجميع إذا ما تهاون في حسم القضايا في حينها بل هو المسؤول الأول الذي تعلقت بعنقه كل مسؤوليات الوزارة الجسام التي سيسأل عنها، لذلك فإنه وجه قراره السديد ولسان حاله يقول:
لاتحقرن صغيراً في مخاصمة
إن البعوضة تدمي مقلة الأسد
وإذا ما ألقينا لمحة سريعة على القرار فإننا سنجده وان كان في دائرة اختصاص وزارة الصحة فقط لكن كم من وزارة ومؤسسة وقطاع عام وخاص يعاني من هذه الظاهرة وليت بقية المسؤولين حذوا حذو الدكتور المانع وعمموا ذات التوجيهات على كافة مرؤوسيهم للالتزام بعدم كتابة التهاني على الأوراق الرسمية ومن أراد أن يتعامل بالوجاهة فعليه أن يدفع من حر ماله والمطابع التجارية تفتح أبوابها لمن يدفع أما أن يرهق كاهل الدولة الرشيدة بكلامٍ ربما في كثيرٍ من الأحيان لايساوي الحبر الذي كتب به فإن هذا هو المرفوض والذي صدر من أجله قرار وزير الصحة لعموم منسوبي وزارته ولو فعله الجميع لتوفرت الملايين وأطنان من الورق أليس كذلك؟
ثم إن هذا القرار قد يدفعنا إلى الحديث عن موضوع التهاني التي تشكل ضغطاً على المسؤولين في كل الجهات الحكومية فقبل دخول رمضان وقبل حلول العيدين تُجيش الجيوش من الموظفين ومن الأدوات المكتبية في مكاتب كثيرٍ من كبار المسؤولين من أجل إرسال التهاني البريدية والبرقية بهذه المناسبات والرد على ما يرد بهذا الشأن، وهي يقيناً لا تعود على المؤسسة الحكومية بأية فائدةٍ، بل إنها تهدر طاقات بشرية وتستهلك موارد مادية لايستهان بها وتشغل المؤسسة عن عملها الأساس، فهل يتم تنظيم هذا الأمر وترشيده أيضاً؟

ناهد بنت أنور التادفي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved