تأمين الانتخابات وتأمين الحقوق

هجمة دبلوماسية غربية قوية باتجاه الأوضاع في فلسطين تتمثل في زيارات لوزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا لفلسطين، وتصحب هذا التحرك تصريحات تؤكد الحرص على ضرورة إجراء الانتخابات مع مناشدات لإسرائيل بإعادة انتشار قواتها خارج المناطق الفلسطينية لضمان إجراء انتخابات نظيفة بعيدة عن الضغوط والإملاءات.. ومن المفيد أن يتواصل عمل دولى منظم باتجاه الضغط على إسرائيل من أجل تأمين نجاح هذه الانتخابات، غير أن هذه الضغوط يجب أن تصب أيضا في صالح التسوية بشكل عام، وتفترض التسوية ضمن ما تفترض سيادة قدر من العدل والنزول عند رغبة الغالبية وتقدير خياراتها والتمكين لها من أجل ممارسات تلك الخيارات..
وفي الطريق إلى الانتخابات لا بد من الانتباه إلى توجهات الناخبين ومراعاتها، فالناخب الفلسطيني يعرف مسبقا لمن يعطي صوته، لكنه أحيانا يجد أن خياره محجوب وأن لا سبيل إلى الوصول إليه، خصوصا عندما تصادر إسرائيل هذا الحق من خلال الاعتقال التعسفي أو الرمي في السجون بتهم زائفة مثل ما حدث مع أمين سر حركة فتح مروان البرغوثي وهو واحد ضمن قياديين عديدين يرى الفلسطينيون أنه يتجاوب مع تطلعاتهم وأنه قد يكون خيارهم الأمثل في السباق الرئاسي..
وغير البرغوثي فإن التدخلات القمعية الإسرائيلية قد حجبت مسبقا قيادات لا تمكنها ظروف الملاحقات الأمنية أو الاعتقال من التجاوب مع رغبات الجماهير..
هذه التدخلات المباشرة وغير المباشرة من قبل إسرائيل، تحتم ليس فقط تدخلا دوليا لمجرد إجراء مثل هذه الانتخابات وإنما التدخل الفاعل باتجاه التسوية الشاملة والكاملة والعادلة، ولعل الانتخابات المقبلة تكون فرصة أخرى للعالم لكي يرى من خلالها كيف أن الشعب الفلسطيني قد تم تجريده من قدرته على الانتخاب والتصويت والترشيح وكل مفردات الصيغة الديموقراطية التي تخوض دولة مثل الولايات المتحدة الحروب من أجل تأمينها، ولعل فلسطين تشكل اختبارا طيبا لمدى الالتزام الأمريكي بالخيار الديموقراطي في أنحاء العالم..
وسيكون مفيدا للفلسطينيين والإسرائيليين وللعالم أجمع أن تتم انتخابات سليمة تتوفر فيها الأجواء المطلوبة لضمان عملية ديموقراطية ترتقي إلى مصاف المستويات المقبولة دوليا، وسيكون التدخل الدولي مجديا ومكتملا إذا أعقبت هذه الانتخابات تحركات صادقة من أجل التسوية العادلة التي تأخذ في الاعتبار إعادة الحقوق الفلسطينية والعربية، وإلا فإن تجيير كامل هذه التدخلات الغربية وغيرها لصالح إسرائيل سيؤدي فقط إلى المزيد من التوتر الذي يتجاوز مجرد المنطقة إلى كل أنحاء العالم..