تعددت المؤتمرات وكثرت المنتديات الدولية والإقليمية من أجل إيجاد حل للحرب الدائرة في العراق.
بعض هذه المؤتمرات يراد بها انتشال العراق من الحالة التي وصلت فيها الحياة في هذا البلد بعد الغزو الأمريكي الذي زاد من مشكلات وصعاب العراقيين، فبعد حصار استمر طوال عقد من الزمن، أعقبه احتلال أنهى جزءاً من مشكلات العراقيين الذين كانوا يرزحون تحت حكم استبدادي، إلا أنه فشل في إيصال العراق إلى بر الأمان، بل زاد مصاعباً على مصاعب سابقة ، وإذ كان العراقيون قد فقدوا في ظل نظام حكم صدام حسين الحرية والديمقراطية فإنهم الآن يفقدون الأمن والأمان ومقدمون على مشارف حرب أهلية تهب نذرها بسبب ممارسات قوات الاحتلال الأمريكي التي تجر معها القوات العراقية، من شرطة وحرس وطني التي تورطها في مواجهات مع العراقيين، مرة مع الشيعة أثناء معارك النجف وكربلاء، ومرة مع السنّة كما يجري الآن في الفلوجة والرمادي والموصل والأعظمية.
فقوات الاحتلال الأمريكية تكر مرة على الشيعة فتشرك معها قوات كردية ثم تكر على السنّة فتشرك معها قوات شيعية وهذا ما أثار بذور فتنة لا تزال خامدة إلا أن إصرار قوات الاحتلال على استعمال القوة العسكرية المفرطة التي تصل إلى حد الإبادة عند مهاجمة المدن العراقية كما حصل للفلوجة ومشاركة قوات عراقية يغلب عليها الانتماء الطائفي الأحادي أو الاثيني يهدد بتدمير الوحدة الوطنية خاصة بعد تهديد السنة بالانسلاخ من الحكومة.
واليوم تحتضن مدينة شرم الشيخ المصرية أحد المؤتمرات المهمة التي تشارك فيها أطراف إقليمية ودولية مهمة فبالإضافة إلى الدول المجاورة للعراق تشارك دول مجموعة الثمانية والأمم المتحدة والجامعة العربية.
مؤتمر شرم الشيخ هذا تعلق عليه الأطراف المشاركة بالإضافة إلى العراقيين طبعاً آمالاً كباراً لتحقيق حل أو بداية حل لمشكلة العراق، التي أصبحت مشكلة للجميع، فالأمريكيون الذين يحتلون العراق يحاولون أن يجدوا مخرجاً للورطة التي وقعوا فيها جراء غزوهم للعراق، حيث يسعون إلى تثبيت احتلالهم لهذا البلد بمساعدة استجلاب قوات أخرى تأمل أن تكون من الدول الإسلامية لتخفف الضغط الذي تتعرض له القوات الأمريكية التي أخذت خسائرها وأرقام قتلاها بالارتفاع.
العراقيون من جانبهم يأملون أن يحقق اجتماع شرم الشيخ انفراجاً للمأساة التي يعيشونها، وإن انقسم العراقيون إلى فريقين، فريق مؤيد للحكومة المؤقتة تريد دعماً غير محدود لجهودها المساندة للقوات الأمريكية في إخضاع المقاومة العراقية التي تتهمها بالإرهاب.
فريق آخر ويشكل أطرافه من المعارضة للحكومة ومن السياسيين العراقيين في الخارج الذين يطالبون بمؤتمر جامع يحقق مصالحه الوطنية توقف المذابح الجارية في العراق سواء من قبل الحكومة أو المقاومة أما الدول الثمانية فمنها، روسيا وفرنسا وألمانيا والصين وبعض من الدول المجاورة فتريد تحديد موعد وجدول لانسحاب القوات الأجنبية المحتلة للعراق.
أمام تعدد هذه الطموحات والآمال وضعت مسودة لمشروع بيان للمؤتمر يظهر وإلى حد بعيد ما يمكن أن يسفر عنه مؤتمر شرم الشيخ، حيث تنص مسودة مشروع البيان على إشارة لانسحاب القوات الأجنبية من العراق، ولكنه لا يحدد جدولاً زمنياً لهذا الانسحاب بعد رفض واشنطن لذلك.
وينص مشروع البيان على إنشاء لجنة متابعة وهي فكرة اقترحتها فرنسا وألمانيا والصين وروسيا وأيدتها بريطانيا واليابان وإيطاليا.
ويدين مشروع البيان في فقرتين منفصلتين الإرهاب بكل أشكاله، ولكنه يتحفظ على فقرة تدين استعمال القوة ضد المدنيين بسبب إصرار الأمريكيين على ذلك.
عموماً مؤتمر شرم الشيخ ورغم الآمال المعلقة عليه لا يمكن أن ينهي آلام ومآسي العراقيين خاصة بعد أن سبقته معارك الفلوجة وتصاحبه الاشتباكات في الموصل والأعظمية، إلا أنه قد يساعد في حلحلة المشكلة العراقية.
|