حينما ناولني الشاعر الشمالي (فهد محمد المبلّع) إضمامة رائعة من قصائده الوطنية والوجدانية والإنسانية، الفيت أنني أمام مشروع إنساني مهم وضروري في حياتنا، فالقصائد مرآة تعكس حساسية هذا الشاعر الذي يبوح بوجدان الشعر من أجل الإنسان المتمثل في الأم والأب والأبناء والمجتمع الذي يود أن يعيش به ومعه بسلام. فالمجتمع بحاجة إلى شاعر واقعي كفهد هذا.
نعاني جميعاً من انتشار ظاهرة الشعر الحالم، والشعراء الخياليين، أصحاب تلك الخيالات المجنحة التي لا تزيدنا إلا نأياً وابتعاداً عن أرض الواقع. فكم نحن بحاجة إلى هذه القصائد الواقعية التي تستميل ذائقة القارئ نحو التفكير المنطقي الذي نجده أحياناً في صورة الماضي الجميل والود الرائع، والشيخ الوقر والأم المكافحة. الشاعر (المبلع) ظل ولأعوام ينظم الشعر بهدوء ويوقع قصائده غالباً بكنيته (أبو نايف) فقد سعى ومن خلال شعره لأن يتلمس همومنا، كقضية غلاء المعيشة، والمظاهر الخادعة، والتنكر للماضي، وغفلة الجيل الجديد، إضافة إلى قضايا اجتماعية تحتاج منا إلى رأي عفوي صادق، ونقد بنَّاء مباشر.
من المفارقات أن يكتب شاعر عن (الغلاء) والمحبة الجياشة للمحبوبة في وقت يتصدى الشاعر (المبلّع) مثلاً للبوح شعراً عن الغلاء وارتفاع الأسعار، وقد يكتب شاعر في الحُب، فيما يكتب صاحبنا عن الحَب والرغيف الأسمر، ويكتب حالم آخر عن الحب العنيف في وقت ينبري صديقنا الشاعر إلى وصف العفيف.. فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الشاعر وتجربته الواقعية لكي نكون أكثر قرباً لبعضنا البعض، فمن المهم فعلاً أن نمسك بشيء من الواقع بدلاً من أن تصبح المقولات قبض الريح.
|