في مثل هذا اليوم من عام 1949 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على استقلال ليبيا مع وحدة أراضيها. فلم يكن استقلال ليبيا في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1951، محض رغبة دولية عبّر عنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 289، وإنما كان تتويجا سياسيا لمراحل نضال الشعب الليبي المتعاقبة ابتداء بالجهاد ضد الاحتلال الإيطالي، ثم مشاركة الجيش الليبي (الجيش السنوسي) إلى جانب قوات الحلفاء في دحر الإيطاليين من ليبيا، ثم مشاركة القوى الوطنية المنظمة والأوساط الشعبية في المعركة السياسية من أجل مقاومة مخططات الدول الاستعمارية لتقسيم ليبيا، وإحباط مشاريع الوصاية والانتداب، على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية في الاستقلال والسيادة والوحدة.
وجاء إعلان السيد محمد إدريس السنوسي في الرابع والعشرين من ديسمبر 1951 من شرفة (قصر المنار) ولادة ليبيا دولة مستقلة موحدة تضم أقاليمها الثلاثة (فزان وطرابلس وبرقة) في كيان سياسي واحد، وذلك لأول مرة في تاريخها.
وبالتالي فإن استقلال ليبيا لم يكن مجرد إعلان عن نهاية عهد استعماري، ومجيء حكم وطني، وإنما كان إيذاناً ببداية معركة جديدة هي معركة بناء وطن منهك من لا شيء تقريباً، وتوحيد شعب مرهق في دولة حديثة ذات نظام حكم دستوري عصري، يؤسس لديموقراطية طموحة تحفظ كرامة الإنسان وحرياته الأساسية، وتعمل من اجل الرقي بحياة الإنسان وتنمية معيشته.
وكذلك كان الاستقلال إيذاناً بانطلاق معركة التنمية للقضاء على التخلف وثالوثه المقيت المتمثل في الفقر والجهل والمرض، حيث كانت البلاد يوم استقلالها في فقر مدقع زادته سنين الحرب الطويلة وفصول الجفاف، وضاعفته الأمية المستشرية والأوبئة المنتشرة، ولكن خلال 18 سنة من عمر نظام دولة الاستقلال تحققت إنجازات تأسيسية مهمة وصعبة، فمعركة ترسيخ الاستقلال، وتجسيد مكاسبه كانت أصعب بكثير من نيله، وكانت تحتاج إلى مدى زمني مناسب حتى تتحقق إنجازاته وتقوم مؤسساته وتتعمق معانيه في حياة الليبيين.
|