قرأت مقالاً يافعاً لأختنا القديرة سلوى أبو مدين، وهو ما جاء في غرة أيام العيد حاملا العدد (11734)، موصوما بعنوان (عيد.. بأي حال) وقد رأى النور في صفحة الرأي من هذه الجريدة الرائدة بحق، وقد أثارت أختنا قضية شائكة، وإن كانت لم تظهر على الصحف كما يجب، وإنما عرفت في أمهات الكتب المعتد بها، ولي على المقال قبل الشروع في هذه القضية ملحوظتان، الأولى خطؤها في عجز البيت، وربما كان خطأ من الناسخ، فقد جاء (بما مضى أما لأمر فيك تجديد)، والصواب كما هو في الديوان (بما مضى أم بأمر فيك تجديد)،والثانية - والمخطئون فيها كثر - قولها: (قوس قزح)، والصواب أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تسميته بهذا، والصواب تسميته بقوس الله، وهو أمر معروف كما جاء في الحديث النبوي.
أما القضية الأساس فهي قياسها بما حصل للمتنبي في أحد أعياده بما حصل ويحصل لهاتيك الشعوب المسلمة من الظلم والقهر والتسلط وهضم الحقوق، والحق أن البون جد شاسع بين الحالين، فالمتنبي لم يكن حزنه كحزن المسلمين في العراق وفلسطين والشيشان وغيرها، فالمتنبي أسف على حلول العيد وهو عائد من عند كافورالأخشيدي حاكم مصر، وهنالك تذكر توَّا بُعده عن أهله ووطنه، ومن المعلوم محضاً وصرفاً أنه كان ذاهبا لطمع في ولاية، فحزنه حزنان، تعذر حصوله على ولاية في بلاط كافور، وفراق أهله ووطنه، وهذان الحزنان ناشئان عن طمع ومحبة دنيا.
وغني عن القول: إن كثيراً من الناس اليوم يستشهدون بهذا البيت، والمفلح منهم من أغفل ذكر القائل لكي لا نسترجع مناسبته التي هي نبع من الأنا، وربما غلا بعضهم في الشاعر ومجده، وغاب عنه أنه يعد من المؤسسين للمذهب العرقي التعصبي في الأدب العربي، فقد انحاذ إلى الفخر بعربيته حين هضم الحق العربي في دولة بني العباس، وحين علت سطوة يد العجم على سدة الحكم، وسطا على الحديث الشريف الذي مفاده عدم التمييز بين العرب والعجم؛ إذ التقوى هي المعول.
أحمد بن عبدالعزيز المهوس
|