عندما تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على شبكة الإنترنت، لم تكن تعرفه كرئيس دولة بل كانت تطلق عليه ( guerrilla leader)، فما زال هو في المحافل الدولية قائد مليشيات وعصابات، وعلى الرغم من هذا فإن القيادة الفلسطينية ما لثبت أن سعت لتثبيت هذه الصورة الدولية عبر التصريحات النيرانية الملتهبة التي ملأت الفضائيات، كلام الهراء نفسه والشعارات: (شعبنا وكرامتنا ومصيرنا والنضال، إلىآخر رجل وآخر قطرة) وجميع الخطابيات المعهودة لعبدالباري عطوان (وماجر غصنه)، وكأن الشعب الفلسطيني قد نصبهم أو اختارهم للحديث عنه.
لم أصادف رجلاً واحداً من القيادات التي تجعجع عبر الفضائيات يتحدث عن ثالثوث (الرغيف - والمستشفى - والمدرسة) جميعهم مشغولون برصف الشعارات والمزيد من المزايدات والكرسي الفارغ للرئيس الراحل يثير شهوة السلطة بشكل بدأنا نرى ونسمع الرصاص الذي بدأت الفصائل الفلسطينية تتبادله فيما بينها.
قيادات من هذا النوع كيف ستحصل على ثقة دولية، وبالتالي على حل دولي يفرض على الدولة الصهيونية المتعنتة؟.
- في إحصائية أخيرة برز أن أكثر من (80%) من السكان في غزة يقعون تحت خط الفقر مع ارتفاع مرعب في درجة البطالة.
- قامت السلطة الفلسطينية عبر حل دولي، والحل الدولي هو وحده الذي سيدعم هذه السلطة ويخرجها من إطار المليشيات إلى شكل الدولة المستقلة، وأما من يحاول أن يجرجر الشعب الفلسطيني المنكوب إلى بؤر القنابل والشعارات، فإنما يأخذه باتجاه حتفه.
- الانتخابات الفلسطينية المقبلة لابد أن تتم بشكل نزيه وعادل، وبإشراف من جهات خارجية، على أن تشارك فيها جميع الفصائل كي تحظى بالمصداقية والقبول الشعبي والدولي معاً.
- تلك الأصوات التي تصر على تثوير القضية وإدخالها في متاهات لم تنته منها منذ ما يقارب الستين عاماً، إنما هي أصوات منقطعة عن واقعها، تحاول أن تلعب على وتر العاطفية الشعبية وتفتقد النظرة العقلانية الموضوعية لطبيعة المرحلة والاستراتيجيات القائمة بها.
- الفضاء العربي فضاء شديد الحساسية ومن الممكن أن تنتقل عبره عدوى تلك الشعارات الجوفاء بسهولة وتنقل المنطقة إلى المزيد من الاضطرابات والقلاقل، وتدخل القوى الأجنبية في تفاصيلها حماية لمصالحها.
أتمنى فقط أن تضع الفصائل الفلسطينية نصب عينيها ثالوث (الرغيف - المستشفى - المدرسة) فهذا هو حق طبيعي لشعب عانى دهوراً من المصائب والويلات والفجائع، وبات من حقه أن يعيش ويستقر تحت الحد الأدنى من أولويات الأمن والاستقرار ولقمة العيش السائغة.
|