(يا أخي أنت متعصب لمحمد عبده)..
هذه الكلمة داهمتني أثناء جلسة جمعتني بفنان مشهور وشاعر معروف وملحن مشهور أيضا، والكلمة جاءت من الأخير الذي هو أيضا يوافقني تماماً فيما أقول وفيما قلت تلك الليلة الرمضانية التي جمعتنا مما قال الملحن (العزيز) ان الفنان محمد عبده هو آخر الفنانين (المحترمين)، ثم أردف قائلاً: أقصد الفنانين الكبار من الرعيل الأول ...
من هنا بدأت الكلام الذي (يحلو) لي حين أتحدث عن فنان بحجم محمد عبده ...
المسألة بالنسبة لي لا علاقة لها بكونه الفنان الأول أو الأخير من (المحترمين)، فالمسألة في نظري باتت (محسومة) ولكن ...
فنان تجاوز الستين عاماً من عمره وما زال يقدم فناً وعطاءً ونشاطاً يضاهي به جميع من هم في ساحة الفن من زملائه الفنانين .. بل ويزداد نشاطاً يوماً بعد يوم... ذاك أولاً ...
ثم ثانياً هو فنان يحترم ذائقة الجماهير فلا (ينزلُ) بهم إلى أدنى المستويات بل يحاول جاهداً أن يرقى بهم إلى (منصَّات) الفن الراقي المحترم باختياراته الجميلة كلمة ولحناً وصوتاً .. وهذا ديدنه قد عرفناه.
في هذا الزمن كَثُرت (المتلاطمات) وانقلبت المفاهيم حتى أصبح (الصغار) يقيِّمونه ويحاولون رمي النخيل الباسقات بأقلامهم (البالية) وكأنهم (نسوا) في لحظات (النوم) أن الحسابات الخاطئة تذهب أدراج الرياح بل لا تتعدى محيطهم في ظل وجود القارئ الفطن الذي لم تعد تنطلي عليه تلك (الألاعيب) متناسين أنه يجب مخاطبة (العاقل) بما (يُعقل)..
إن كنت (متعصباً) كما يقول صديقي الملحن للفنان محمد عبده فهذا شيء يُسعدني لأنني متعصب للفن الأصيل والصوت العذب والفنان الذي طالما رفع هاماتنا في كل محفل يذهب إليه هو الفنان الجماهيري (الأول) في الوطن العربي فما بالك هنا في المملكة ودول الخليج .. ومن يقول غير ذلك فاضحكوا من (جهله) كثيرا وتجاهلوا ما يقول لأن من يحجب الشمس بغربال ما هو إلا مخالف للحقيقة لغرض في نفسه ونفس (غيره) ممن يشجعه و...
لسنا في مزايدات ولكننا نعرض (شيئا) من الواقع فالرجل أفنى أربعين عاماً من عمره كي يتربع على عرش الأغنية السعودية ويصل بها حيث لم يصل أحد قبله ولا بعده حتى اللحظة .. لست ممن (يهمِّشون) الآخرين فأنا أحترم جميع التجارب حتى وإن كانت (فاشلة) ولا أنكر أن رفيق دربه الراحل طلال مداح وصل أيضا الى مصاف كبار الفنانين العرب وقدَّم - رحمه الله - فناً جميلاً راقياً وكان منافساً حقيقياً له حتى أواخر الثمانينات.. ولكن في هذه اللحظة لا يوجد من (يُقارع) محمد عبده أو حتى يصل الى أطراف (الهرم) الذي اعتلاه والذي هو حق مشروع لجميع الفنانين بالوصول اليه ومنافسة فنان العرب عليه.. ولكن المؤشرات تقول عكس ذلك.
بعض الفنانين توقف (تماماً) عن التقدم بل كان مشروع فنان ناجح إلا أن سوء التخطيط رافقه مرة ومرتين وثلاثاً في فترة تجاوزه الآخرون وما زال هذا الفنان (يُحيك) المؤامرات ويتفرغ لها ويحمل في حقيبته أربعاً وعشرين أغنية كلما سافر كي يطرح منها ما تيسَّر في شريطه القادم ولا عجب أن ينتهي فنياً خلال الفترة القادمة ويصبح في عداد المنسيين.. ولو ترك كل ما سبق لأصبح في عداد المنافسين وبقوة..
لعلِّي حِدْتُ عن طريقي قليلاً ولكني سأعود للتأكيد على أن التعصب للفن الجميل متطلب رائع كي نرتفي قليلاً مما نحن فيه من انحلال فني واضح جعلنا نتراجع كثيراً عن تسيّدنا للساحة الفنية العربية في حين تركنا مناقشة المشكلة (العويصة) والبحث لها عن حلول وتفرغنا تماماً لمحاولة إسقاط (الهرم).
... وبعد
هل أنا متحيِّز؟
|