في مثل هذا اليوم من عام 1832 تم تنصيب عبدالقادر الجزائري سلطاناً على الجزائر. وهو عبدالقادر ابن الأمير محيي الدين الحسيني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن علي وذلك بقرية (القيطنة) بوادي الحمام من منطقة (وهران) بالمغرب الأوسط أو الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران، ولم يكن الوالد هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة (وهران)، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة، وكان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1825، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبدالقادر معه، فكانت رحلة عبدالقادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه. وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم (قيطنة)، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء (وهران) عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على (محيي الدين الحسيني) وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقَبِلَ قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقَبِلَ السلطان (عبدالرحمن بن هشام) سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه (علي بن سليمان) ليكون أميرًا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفَّ حوله الجموع من جديد، خاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبدالقادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم (عبدالقادر) لهذا المنصب، فقَبِلَ الحاضرون، وقَبِلَ الشاب تحمل هذه المسئولية، وتمت البيعة، ولقبه والده ب (ناصر الدين) واقترحوا عليه أن يكون (سلطاناً) ولكنه اختار لقب (الأمير)، وبذلك خرج إلى الوجود الأمير عبدالقادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسيني.
|