* كتب - عبدالله الرفيدي - وكالات:
تأرجح الدولار الأمريكي في سعره أمام العملات الرئيسية خلال الأسبوع الماضي منذ شهر أكتوبر الماضي. حيث سجل انخفاضا قياسياً بلغ 7% أمام اليورو يوم الخميس الماضي اضافة الى انخفاضه أمام الين الياباني.
وقد شكل هذا الانخفاض ضغطاً على صادرات الدول التي ترتبط عملتها بالدولار وتسعى لبيع سلعها الرئيسية مثل النفط بالدولار.
وقد ظهر ان الولايات المتحدة الأمريكية قد سعت الى خفض سعر الدولار لانقاذ اقتصادها من الهبوط الذي تعاني منه.
وعلى صعيد اقتصاد المملكة العربية السعودية وتأثير هذا الانخفاض على صادراتها فإن المملكة تتأثر به بشكل مباشر بسبب تشكيل النفط السلعة الرئيسية وبنسبة كبيرة من حجم الصادرات الذي يباع في الأسواق العالمية بالدولار. وقد ساعد الدولة لتخطي التأثير على ماليتها ارتفاع أسعار الدولار الكبير وارتفاع صادرات النفط خلال عام 2003 والتسعة أشهر من العام الحالي 2004م إلا أن الربحية المتوقع ارتفاعها من بيع النفط لن تكون كبيرة حيث ان قيمة النفط المباع ستنخفض بما لا يقل عن 7%.
وبما أن أوروبا من مجموعات الدول الرئيسية التي تتعامل معها فإن قيمة الواردات شهدت ارتفاعا ملحوظا وقد بدأ التأثير على أسعار الدواء خاصة الذي يعد من السلع الضرورية التي لا تضع خيارات أخرى أمام التاجر والمواطن الذي يدفع فرق الزيادة السعرية.
وحسب آخر الاحصائيات فقد استأثرت دول أوروبا بأعلى قيمة واردات في عام (2003م) حيث بلغت قيمتها 51.724 مليار ريال مشكلة ما نسبته 37% من اجمالي الواردات البالغة (138.4 مليار ريال) وارتفعت قيمة الواردات من اوروبا خلال ذلك 8.3 مليار ريال بنسبة 19% عن عام 2002 وكانت دول اليورو الرئيسية مثل ألمانيا الأكثر في التعامل.
وقد شهد اليورو قفزة أمام الريال بين عامي 2002 و2003 بلغت نسبتها 20.3% عام 2003 حيث سجل سعره أمام الريال في عام 2002م 3.932 ريالا مقابل 4.736 ريالا. وقد واصل ارتفاعه حتى الأسبوع الماضي ليقترب من خمسة ريالات بالرغم من انخفاضه أمس الجمعة.
وهذا التذبذب في السعر الذي يميل الى الصعود من شأنه أن يضع دول مجلس التعاون التي ربطت عملتها بالدولار وخاصة المملكة أمام خيار فك هذا الارتباط الذي دام سنوات طويلة وذهاب السبب الذي كان يدعو لذلك وهو ثبات سعر الدولار وعدم تعرضه لهزات. إلا ان ما يحدث اليوم بدعم الحكومة الأمريكية يجعل الخيار مطروحا أمام تغيير هذه السياسة والربط بسلة عملات.
إلا أن هذه الخطوة سوف يكون تأثيرها على الدولار سلبيا ويزيد تزيفه الى درجة الحدة وذلك أن النفط العالمي يسعَّر ويباع بالدولار مما يجعل الورقة الخضراء تفقد بريقها وجاذبيتها العالمية.
ومن المتوقع ان تتدخل الحكومة الأمريكية لايقاف هذا الارتفاع الذي لم يصل الى مستوى الخطورة حتى الآن حتى لا تفقد قوتها في عملتها النقدية.
من جهة ثانية فقد انخفض الدولار الأمريكي أمس الجمعة مقتربا من مستوياته القياسية مقابل اليورو الأوروبي في الوقت الذي يترقب فيه المتعاملون اجتماع وزراء المالية لمجموعة العشرين الذي لا يتوقع ان يتخذ خطوات لدعم الدولار.
وانخفضت العملة الامريكية أمس الأول الى مستوى قياسي مقابل اليورو والى أدنى مستوى منذ سبعة أشهر ونصف الشهر مقابل الين الياباني وسط توقعات بأن مجموعة العشرين التي تضم معظم الدول الكبرى والدول النامية الرئيسية لن تتحرك لابطاء انخفاض الدولار.
وفي الساعة 0645 بتوقيت جرينتش بلغ سعر العملة الاوروبية الموحدة 1.2975 دولار بارتفاع طفيف عن مستوى 1.2962 دولار الذي سجلته في أواخر المعاملات في نيويورك أول أمس الخميس.
وكان اليورو ارتفع أمس الاول الخميس الى 1.3075 دولار ليصل ارتفاعه الى نحو سبعة في المئة منذ انخفض الى 1.22 دولار في أكتوبر. وبلغ سعر الدولار 104.05 ين بانخفاض طفيف عن مستواه في نيويورك مساء أمس الاول لكنه ظل أعلى من أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر ونصف الشهر الذي سجله أمس عند 103.65 دولار.
ورغم انتعاش الدولار عن المستويات المتدنية التي بلغها أمس الأول فإن أغلب المتعاملين يتوقعون بقاء العملة عرضة للضغوط بسبب العجز المتزايد في ميزان المعاملات الجارية الأمريكي.
وحذر رئيس صندوق النقد الدولي من مخاطر السماح باستمرار انعدام التوازن الاقتصادي الناجم عن انخفاض سعر الدولار على سبيل المثال بدون تدخل الحكومات.
وجاءت تصريحات رودريجو دي راتو التي أصدرها صندوق النقد الدولي أمس الاول خلال مقابلة صحفية من المقرر أن تنشر في وقت لاحق هذا الشهر بمجلة (أي.إم.إف سيرفاي) وكرر خلالها التحذيرات الموجهة إلى واشنطن بشأن سياسة عدم التدخل الحكومي التي تنتهجها فيما يتعلق بانخفاض الدولار وارتفاع نسبة العجز.
وصدرت آخر سلسلة تحذيرات في هذا الصدد من مسئولين ماليين أوروبيين يستعدون للمشاركة في الاجتماع المقرر عقده مطلع الاسبوع المقبل في برلين لمجموعة جي-20 التي تضم دولا غنية وأخرى نامية.
وقال دي راتو إنه يمكن للحكومات الاختيار ما بين تغيير سياساتها أو السماح (لقوى السوق بحل المشكلة نيابة عنها وهو ما يمكن أن يتسبب في مزيد من المخاطر والتكاليف). وأضاف (الولايات المتحدة في حاجة إلى تسريع وتيرة خفض العجز الحكومي كما ينبغي أن تسرع أوروبا من معدلات نموها الحالية والمتوقعة).
ومن جهته قال هانز ايشل وزير المالية الألماني في مقابلة اذاعية إن الانخفاض السريع في قيمة الدولار قد لا يكون في صالح الولايات المتحدة.
وقال لراديو دويتشلاند قبل اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في برلين (لا يمكن ان يكون في صالح امريكا أن تقبل انخفاضا سريعا في قيمة الدولار).
وأضاف انه ليس من المعروف بعد ما اذا كانت اوروبا واليابان والولايات المتحدة ستتوصل الى رأي موحد بشأن العملات. لكنه أوضح انه اذا تم التوصل لاتفاق فلن يناقش علانية.
|