* نيويورك
طارق عبدالغفار- أ ش أ:
رغم تذبذب قيمة الدولار بالسوق الدولية انعكس تزايد معدلات ثقة المستهلكين وتراجع العجز التجاري وأسعار النفط بشكل إيجابي على مؤشرات النمو الاقتصادي بالولايات المتحدة العام الحالي.
ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون أن العجز التجاري الأمريكي تراجع بصورة غير متوقعة في سبتمبر الماضي إلى 51.6 مليار دولار مقابل 53.5 مليار دولار في أغسطس الماضي نتيجة انخفاض أسعار النفط بالسوق الدولية وارتفاع حجم الصادرات الأمريكية وهو ما عزز التوقعات بشأن تحقيق معدل نمو قوي في الربع الأخير من العام الحالي.
وأشاروا إلى أن المؤشرات الإيجابية التي تحققت خلال الأشهر الثلاثة الماضية تؤكد التوقعات الرسمية والتي حددت معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في الربع الثالث من العام الحالي ب3.7 بالمائة.
وأوضح المحلل الاقتصادي الأمريكي جويل ناروف أن زيادة الصادرات الأمريكية تعد مؤشراً إيجابياً يعيد الثقة في الاقتصاد الأمريكي وقدرته على تحقيق النمو، مشيراً إلى أن تراجع أسعار النفط سوف يعزز احتمالات تحقيق نمو قوي العام الحالي.
وتشير الاحصائيات إلى أن أسعار السلع بالولايات المتحدة ارتفعت ب1.5بالمائة في أكتوبر الماضي متأثرة بأسعار النفط المرتفعة والبطالة، وبلغ معدل الزيادة في أسعار السلع دون حساب الزيادة في سعر الطاقة 2.2 بالمائة فقط في أكتوبر الماضي.
وساهم توفير 337 ألف وظيفة في أكتوبر الماضى في زيادة ثقة المستهلكين الأمريكيين وهو ما اعتبره محللون اقتصاديون أمريكيون مؤشراً إيجابياً على احتمالات النمو المتوقعة العام الحالي حيث يسهم الانفاق الاستهلاكي بنحو ثلثي حجم الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي البالغ حجمه 10 تريليونات دولار.
ويحذر المحلل الاقتصادي الامريكي ويليام زادرونزني من الآثار السلبية لرفع معدل الفائدة بالولايات المتحدة رفع بنك الاحتياط الفيدرالي معدل الفائدة بنحو ربع نقطة مئوية في العاشر من نوفمبر الحالي لتصل إلى 2 بالمائة، موضحاً ان معدل الفائدة سوف يرتفع حال استمرار الزيادة في العجز بالموازنة والحساب الجاري.
وقال إن الأعاصير التي ضربت عدداً من الولايات المتحدة في سبتمبر الماضى قلصت الواردات الأمريكية من النفط نظراً لاغلاق معامل تكرير النفط في الولايات المتضررة من الأعاصير.
وأشار إلى أن تراجع معدل الواردات بنسبة 0.8 بالمائة ليصل إلى 149 مليار دولار في سبتمبر الماضي مقابل 150.2 مليار دولار في أغسطس الماضي ساهم في تخفيض معدل العجز في الميزان التجاري.
ووفقا للاحصائيات الرسمية ارتفع معدل الصادرات الأمريكية بنسبة 0.8 بالمائة ليصل حجمها إلى 97.5 مليار دولار في سبتمبر الماضي وزادت صادرات السلع الرأسمالية بواحد بالمائة لتصل إلى 28 مليار دولار بينما ارتفعت الواردات الامريكية من السلع الرأسمالية ب1.4 بالمائة لتبلغ 29.5 مليار دولار.
ويمثل ارتفاع مبيعات التجزئة زخماً قوياً للنمو المتوقع بالولايات المتحدة العام الحالي، حيث تشير الأرقام إلى استمرار معدل الزيادة في أكتوبر الفائت وبلغ 0.2 بالمائة وان كان أقل من معدل الارتفاع في سبتمبر الماضي والذى سجل 1.6 بالمائة.
ويتوقع المحلل الاقتصادي الامريكي تيم ماكجي استمرار تحسن نمو مبيعات التجزئة في ضوء نمو سوق العمل وارتفاع معدلات الأجور مع ثبات مستويات الأسعار بشكل نسبي.
وأشارت مؤسسة مورجان ستانلي إلى أن معدل نمو الانفاق الاستهلاكي في الربع الأخير من العام الحالي سوف يصل إلى حوالي 3.3 بالمائة أقل من توقعاتها السابقة والتي حددتها بنحو 3.9 بالمائة.
وفي السياق نفسه تخشى مؤسسات اقتصادية أمريكية من التداعيات السلبية لاحتمالات زيادة الفائدة التي تم رفعها إلى 2 بالمائة في العاشر من نوفمبر الحالي على النمو المتوقع وأسواق المال الأمريكية والدولية العام الحالي.
ويرى مسئولون في الاحتياط الفيدرالي أن معدلات التضخم المنخفضة واستقرار سوق العمالة مهدا الطريق أمام رفع أسعار الفائدة، وأضافوا ان الاحتياط الفيدرالي ترك الباب مفتوحاً أمام تخفيض الفائدة مرة أخرى إذا ما دعت الضرورة في اجتماعه المقرر عقده في ديسمبر المقبل.
وحذّر المحلل بيتر ايفيزنت أن رفع معدل الفائدة سوف يؤدي إلى تراجع معدلات الاقتراض من جانب الشركات الأمريكية تلا انه في الوقت نفسه ينذر بزيادة معدل الافلاس في صفوف الشركات الأمريكية مما يهدد النمو المتوقع ويزيد من معدل البطالة.
ويحذر صندوق النقد الدولي من ان زيادة المديونية الخارجية بالتزامن مع ارتفاع العجز في الموازنة في الولايات المتحدة يهدد الاستقرار المالي العالمي.
ويرى خبراء في صندوق النقد الدولي ان زيادة الطلب الأمريكي على الاقتراض من الخارج والعجز المتزايد في ميزان المدفوعات وتذبذب سعر الدولار وتأرجح أسعار النفط في السوق العالمية وارتفاع تكاليف الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق سوف يؤدي إلى تداعيات سلبية داخل الولايات المتحدة وخارجها منها ارتفاع الفائدة وزيادة الركود والبطالة وتقويض الثقة في بيئة الاستثمار الامريكية والدولية.
ويشير المحلل الاقتصادي مايك بيتشر إلى أن ارتفاع المديونية الأمريكية إلى حوالي 7.4 تريليونات دولار في سبتمبر الماضي يهدد بتراجع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة.
ويرى المحلل الاقتصادي الامريكي ادوارد بورتر ان توقف الولايات المتحدة عن سداد ديونها أمر مستبعد حتى في حالة رفض الكونجرس الموافقة على زيادة الحد الأقصى للاستدانة لأن تداعيات تلك الخطوة التوقف عن السداد تعني اهتزاز سوق السندات العالمية وارتفاع معدل الفائدة بشكل ملحوظ.
وقال المحلل الاقتصادي مارتن كروستنجر ان نمو الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة سوف يتأثر سلباً بتذبذب أسعار النفط بالسوق الدولية مستبعدا حدوث ارتفاع ملحوظ لمعدل التضخم العام عام 2004م.
وأوضح بنك الاحتياط الفيدرالي ان التأثير السلبي لارتفاع أسعار النفط بالسوق الدولية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي لن يصل إلى مستوى الصدمة النفطية التي حدثت في السبعينيات من القرن الماضي، كما انه لن يؤدي إلى الركود العام الحالي، وأشار رئيس الاحتياط الفيدرالي ألان جرينسبان إلى أن استمرار أسعار النفط في الارتفاع عن المعدلات الحالية سوف يؤدي إلى تداعيات خطيرة تلحق الضرر بالاقتصاد الامريكي.
وأوضح خبير النفط الأمريكي جيري تايلور ان اقتصاد الولايات المتحدة لديه القدرة على مواجهة الصدمات النفطية التي لا يمكنها أن تحدث التأثير الذي أفرزته خلال أزمة النفط في السبعينيات من القرن الماضي، مشيراً إلى ان الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 أدت إلى زيادة أسعار النفط في دولة منتجة له كبريطانيا ودولة مستوردة كاليابان على حد سواء.. وتطالب مؤسسات اقتصادية أمريكية إدارة الرئيس بوش بممارسة ضغوط على منظمة أوبك والتقدم بشكاوي ضدها بمنظمة التجارة العالمية لدفعها إلى مواصلة زيادة الانتاج.. وتويد تلك المؤسسات خطط التنقيب عن النفط في منطقة ألاسكا لتقليل معدلات النفط المستوردة من الخارج رغم معارضة وزارة الطاقة وسعي إدارة بوش إلى زيادة الاحتياطيات النفطية الامريكية.
وأوضح خبير النفط الأمريكي اندرو ماكنلوب ان اعتماد واشنطن على استيراد النفط من الدول الأعضاء بأوبك سيتواصل في ضوء المشكلات التي تعاني منها العديد من الدول المنتجة كروسيا ونيجيريا وفنزويلا والتنافس الحاد بين واشنطن وبكين على شراء أكبر كمية من المخزون النفطي.
|