لو عرف الحاج متولي، الذي جسد دوره الممثل المصري (نور الشريف)، أنه كان عرضة لأن يفقد جمال وجهه بفعل ماء مغلي تسكبه عليه زوجته الأولى، عندما تعلم بعزمه على الزواج من أخرى، ترى هل كان سيقدم على التجربة مرة واحدة وليس ثلاثاً أو أربع مرات؟!
هذا السؤال تبادر إلى ذهني، وأنا أطالع خبراً نشرته مؤخراً صحيفة (المدينة)، مفاده أن زوجة سكبت الماء المغلي على وجه زوجها وهو نائم، بعدما أخبرها باقتراب موعد زواجه من أخرى، وإلى جانب الخبر صورة لوجه الزوج وقد احترق تماماً.
وبعيداً عن (الحاج متولي) وشبيهه الذي احترق وجهه، مساحة للتأمل فيما وصلت إليه العلاقة بين بعض الأزواج من جفاف عاطفي، يصل إلى حد التنافر، وربما التناحر والاعتداء من أحدهما على الآخر، وما أكثر القضايا التي تزدحم بها ساحات المحاكم، وربما المستشفيات، المتهم فيها أحد الزوجين، والمجني عليه شريك حياته.
هذه الصور المحزنة تكشف وجود خلل ما في سلوك ووعي هؤلاء الأزواج والزوجات معاً، فبعض الأزواج يستخدم من التعدد الذي شرعه الإسلام، ووضع له ضوابط، سلاحا يشهره في وجه زوجته لابتزازها أو تخويفها أو إذلالها، وكثير من الزوجات ينشغلن بالعمل والأولاد عن تلبية احتياجات الزوج، وإحاطته بما يجب أن يحاط من اهتمام وعناية، أو يتفنن في إرهاق كاهل الزوج بالمطالب الضرورية وغير الضرورية، تحت شعار (نتف ريشه حتى لا يطير إلى زوجة أخرى).. يضاف إلى ذلك ما تبثه وسائل الإعلام من صور الفاتنات الشقراوات، تجعل أي رجل ينظر إلى زوجته وهو يتأسف على حاله ونصيبه، ويتطلع إلى الزواج بامرأة من طراز (نانسي عجرم) أو (إليسا) أو غيرهن من حسناوات الفضائيات!!.
وينعكس هذا التطلع المكبوت على سلوك الرجل تجاه زوجته، ويأتي رد الفعل سريعاً من الزوجة تنغيصاً لحياة الزوج، وهكذا، حتى يصل الأمر إلى المحكمة أو المستشفى، قبل أو بعد الطلاق الذي يأتي لا محالة، وضحاياه غالباً أطفال لا ذنب لهم، وأنا هنا لم أتعرض لقضية التعدد، فالتعدد أباحه الإسلام بشروطه، وإنما أنا أتكلم عن أدب العشرة والسلوكيات.
إننا نستطيع أن نتجنب كل ذلك إذا أردنا أن نعرف مكانة الزواج والأسرة كما حددتها الشريعة الغراء، وأن يعرف كل منا واجباته ومسؤوليته تجاه أسرته قبل أن يطالب بحقوقه.. وهي مسألة باتت ضرورية للغاية، فبلادنا حارة صيفاً، والماء المغلي يتدفق تلقائياً دون عناء.
|