* بيروت - رولا نجم - رويترز:
ترتفع المباني السكنية الفاخرة في وسط بيروت والمنطقة المحيطة به، حيث ازدهرت سوق العقارات بثروات الخليجيين في حين يخشى اللبنانيون من أن ارتفاع الأسعار يجعل العقارات في بلادهم في غير متناول أيديهم.
وتدعمت التنمية العقارية خلال العامين الماضيين بأكبر مشروع عقاري في لبنان لإعادة بناء وسط بيروت بعد الحرب بالتركيز على إقامة الشقق السكنية الفاخرة وبيعها لمشترين أثرياء من الخليج.
وقال موريس مدور مدير مركز جفينور العقاري: (بيروت أصبحت مدينة الأغنياء كما أرادت لها سوليدير)، مشيراً إلى الشركة التي يملكها أساساً رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري التي أعادت بناء وسط بيروت.
وأضاف (هذا المفهوم الجديد للرفاهية والارستقراطية في بيروت يتسع نطاقه اليوم بسبب الطلب المتزايد من جانب العرب والخليجيين بشكل خاص). ويمتد الطلب لأبعد من وسط بيروت.
يقول مسؤولون عن التنمية العقارية: إن هناك أكثر من 50 مشروعاً تحت الإنشاء في بيروت الغربية وعدد مماثل قرب وسط المدينة.
وتراجعت أرباح سوليدير في عام 2003 بأكثر من النصف بسبب ما اعتبره المحللون اضطرابات في السوق نتيجة تداعيات حرب العراق على المنطقة لكن سماسرة العقارات يقولون: إن كل الدلائل تشير إلى أن ذلك كان مجرد حالة انخفاض في سوق تتجه إلى الصعود بشكل عام.
وقال رجا مكارم من شركة أرامكو العقارية: هذا الازدهار حقيقي وصحي كما تشير بيانات الشقق المباعة مسبقاً في المشروعات الفاخرة في منطقة المارينا في وسط بيروت وغرب بيروت، حيث بلغت نسبة الشقق المباعة مسبقاً 60 بالمئة.
وشهدت فترة الازدهار هذه ارتفاع الأسعار إلى 9000 دولار للمتر المربع في بعض المشروعات السكنية وتشكل أحد وجوه تدفقات رأس المال التي جعلت لبنان وجهة للعطلات والاستثمارات.
ويقول متعاملون في السوق: إن العديد من العرب الذين يخشون من التعرض للمضايقات في الدول الغربية منذ ما بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة اختاروا قضاء عطلاتهم وانفاق أموالهم في دول عربية مسلمة متطلعين لسوق العقارات اللبنانية.
وقال مدور: (الهجمات جاءت بعدد كبير من المستثمرين والمشترين العرب إلى لبنان. فالأغنياء من الخليج يريدون في نهاية الأمر الاستفادة من ثرواتهم النفطية).
وأضاف أن خدمات الضيافة اجتذبت كذلك الكثير من الأموال العربية.
ويمكن لأي أجنبي شراء ما يصل إلى ثلاثة آلاف متر مربع من الأراضي في لبنان والمزيد بعد الحصول على تصريح على شكل مرسوم وزاري - في إطار سياسة تشجيع بيع الأراضي التي يقول المسؤولون عن تطوير العقارات إنها أنعشت السوق منذ بدئها عام 2001م.
والتدفقات النقدية مرحب بها في السوق لكن بعض اللبنانيين يخشون من أن الغنى الناجم عن العقارات يأتي على حساب تغيير وجه بلد ربما لا يقدرون على تكاليف العيش فيه.
وقالت جنان أبو مراد وهي سكرتيرة إدارية عاطلة عن العمل: (ألا يكفي أن أبناءنا يتخرجون ويغادرون البلاد لتحسين أوضاعهم حتى أصبحنا كذلك نبيع أراضينا وممتلكاتنا للأجانب).
وأضافت (أنا ضد هذه الفكرة تماماً. لبنان بلد صغير يجب أن يظل ملكاً للبنانيين).
وتعكس تصريحاتها آراء العديد من اللبنانيين الذين يشعرون أن قانون عقارات يهدف إلى تشجيع المشترين الأجانب سيجعل من بيروت مكاناً لا يقوى سوى قلة منهم على العيش فيه.
وقال محامٍ (44 عاماً) يعمل في شركة في بيروت طلب عدم نشر اسمه: (أنا ضد قانون تمليك الأجانب الذي يجبر سكان بيروت على مغادرة عاصمتهم). وقد بدأ ذلك يحدث بالفعل مع بعض المشترين اللبنانيين المحتملين.
وقال مكارم: إن الذين لا يقوون على أسعار العقارات في بيروت يلجؤون إلى الضواحي القريبة مثل الكسليك وادما وعرمون، حيث تتراوح الأسعار بين 400 و800 دولار للمتر المربع.
ويخشى لبنانيون آخرون أن تكون بيروت هي البداية.
وقال موظف لبناني (50 عاماً): (الواقع أن لبنان بلد صغير تبلغ مساحته عشرة آلاف كيلومتر مربع... إذا استمر بيع الأراضي والشقق للأغنياء العرب سنفقد أغلب أراضينا).
وقد يصبح ذلك أمراً واقعاً في بلد تعقد مشكلاته المالية والمنافسة التي يواجهها من دبي وغيرها من المراكز في المنطقة حلمه في أن يستعيد مكانته كمركز تجاري بارز والتي كان يتمتع بها قبل الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990م.
وقال مكارم: (أعتقد أن هذا هو الحل الوحيد لتحقيق المزيد من الازدهار) موضحا أن فرض إجراءات مثل تقييد حجم مشتريات الأراضي في البلدات الصغيرة قد يخفف من ضيق اللبنانيين من بيع الأراضي للأجانب.
وأضاف (نحن نأمل دائماً في تحقيق استثمارات قابلة للاستمرار في قطاع العقارات وعندما يبدأ ذلك في الحدوث نشعر بالقلق من آثاره).
وتابع (يجب أن نواصل الاستفادة من الفرص المتاحة طالما بقيت أقدامنا على الأرض).
|