|
انت في "الثقافية" |
* عبدالله سعد القحطاني - المدينة المنورة :
قال، فسمعه الفرزدق، فتبسم، وقال له: من تكون يرحمك الله. قال: أنا كُثيِّر عزة، فمن أنت يرحمك الله. قال: أنا الفرزدق بن غالب التميمي قال أنت القائل:
فقال الفرزدق: نعم، فقال كُثيّر، والله لولا أني بالبيت الحرام لأصحت صيحة أفزع بها هشام بن عبدالملك، وهو على سرير ملكه. فقال الفرزدق: والله لأعرفن بذلك هشاماً ثم توادعا، وافترقا، فلما وصل الفرزدق إلى دمشق دخل إلى هشام بن عبدالملك فعرفه بما اتفق له مع كُثيّر. فقال له: اكتب إليه بالحضور عندنا لنطلق عزة من زوجها، ونزوجه إياها، فكتب إليه بذلك فخرج كُثيّر يريد دمشق، فلما خرج من حيّه، وسار قليلاً رأى غراباً على بانة، وهو يُفلي نفسه وريشه يتساقط، فاصفر لونه، وارتاع من ذلك، وجد في السير، ثم إنه مال ليسقي راحلته من حي بني فهد، وهم زجرة الطير، فبصر به شيخ من الحي فقال: يابن أخي أرأيت في طريقك شيئاً فراعك؟ قال: نعم ياعم رأيت غراباً على بانة يتفلى وينتف ريشه فقال له الشيخ: أما الغراب فإنه اغتراب، والبانة بين، والتفلي فرقة، فازداد كُثيّر حزناً على حزنه لما سمع من الشيخ هذا الكلام، وجد في السير إلى أن وصل دمشق ودخل أحد أبوابها، فرأى الناس يصلون على جنازة فنزل، وصلى معهم، فلما قضيت الصلاة صاح صائح لا إله إلا الله ما أعقلك يا كُثيّر عن هذا اليوم، فقال ما هذا اليوم يا سيدي، فقال إن هذه عزة قد ماتت؟ وهذه جنازتها، فسقط مغشياً عليه، فلما أفاق أنشأ يقول:
ثم شهق شهقة فارقت روحه الدنيا، ومات من ساعته، ودفن مع عزّة في يوم واحد. وحكى الأصمعي قال: بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
فكتبت تحته:
ثم عدت في اليوم الثاني، فوجدت مكتوبا تحته:
فكتبت تحته:
ثم عدت في اليوم الثالث فوجدت شاباً ملقى تحت ذلك الحجر ميتاً، وقد كتب قبل موته:
|
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |