اذا اقترنت الجهود بالإيمان الصادق والنوايا الحسنة فإن النجاح يواكبها دائما، وفي كل زمان مهما واجهها من صعوبات أومعوقات!واذا كانت الدعوة صادرة عن اخلاص وعقيدة راسخة فانها تستقر - لا محالة - في القلوب وتتجاوب أصداؤها الرنانة في ضمائر الكافة مهما عارضها من تشويش حانق وتعكير سافر!!فالذين تفاءلوا جدا قدروا لدعوة الفيصل المعظم لالتفاف المسلمين حولها افترضوا مرورها بمراحل طويلة وصعبة حتى تجد الهضم الواقعي عند معظم الأمم الاسلامية ودولهم.. ذلك ان تغلغل النفوذ الأجنبي الذي عمل على تفريق الجهود وتشتيت القوى قد صعب استمالة أولئك وهؤلاء الى الانقياد لهذا الالتفاف الذي تحقق اليوم كثمرة أولى وعاجلة.
فضلا عن ذلك فقد عملت القوى اليسارية في العالم الاسلامي عامة والعربي خاصة جهودا مضنية ورافقها حملات اذاعية صاخبة أثرت الى حد بعيد في عزيمة الأخوة من العرب والمسلمين للاقدام نحو هدف الدعوة.
ومع ذلك ورغم المحاولات اللاهثة لمعارضها فقد انجلت العتمة التي عاصرت الاثارة المحمومة وانحسرت عن حقيقة حتمية للوجود المتلاحم لأمة الاسلام.
لقد اختصرت الفترة المرحلية وانطوت المسافات المباعدة بين أخوة العقيدة.. وحالف التوفيق الالهي مؤتمر وزراء خارجية دول العالم الاسلامي بأن توجت قراراته بإجماع القلوب.
وأشهد العالم ممثلو ثلاث وثلاثين دولة اسلامية على اصرارهم بالتزام ما أنجزوه من أعمال هذا المؤتمر وعبروا - أولا وأخيرا - عن تقديرهم لقائد مسيرة المسلمين لهذا التآخي والتعاون الفيصل المعظم صاحب النظرة البعيدة والعزيمة الوثابة التي لم تثنها التيارات الهوجاء عن ترسم الهدف الى ان حققت هذا الاجماع الذي هو بمثابة انتصار لدعوة الله تعالى على لسان نبيه الأعظم بوجوب تعاون المسلمين وتوادهم وتحاببهم الى ان مثلهم بالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. ان من حضر الجلسة الختامية للمؤتمر الثالث للعالم الاسلامي في جدة أو شاهدها على شاشة التلفزيون أو سمعها من المذياع فانه لا يكاد يصدق وقائعها.. فقد ذابت خلالها الخلافات التي تسود عادة كل مؤتمر عالمي فضلا عما رسبته في أذهاننا من شكوك الحملات المسعورة في الماضي، ومن تصدي ومقارعة الموتورين!!.
إلا ان مؤتمر جدة الاسلامي واكبه كل النجاح وناصرته كل القوى الروحية في العالم وأذهلت لنجاحه جميع الاذاعات وأجهزة الاعلام المناوئة لما ساد جلساته من صفاء ووئام. ان قرارات المؤتمر الاسلامي تمثل يقظة حية للقوى الروحية في العالم.. ولسوق يباركها جميع المؤمنين في الأرض فهي أبعد ما تكون عن التعنصر الضيق بل هي بشير للانسانية كافة وتحصين فعليا ضد تيارات الضلال والالحاد.واذا كان لابد من توجيه التهنئة بهذه المناسبة فانها تهنئة للمسلمين والمؤمنين في بقاع الدنيا.. وشكرا لجلالة الفيصل الذي رفض الشكر - تواضعاً - لأن ما أداه ليس إلا عملا بالواجب.
صالح السالم |