* الرياض - الجزيرة:
أوضح بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) في نظرة عامة على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر أكتوبر الماضي أنها شهدت اتجاهات متنوعة حيث إن النتائج الخاصة بمكاسب الربع الثالث كان لها أثرها على ثقة المستثمر. وكان لشهر رمضان تأثيرٌ وذلك فيما يتعلق بتدني كمية التداول التي من المتوقع أن تعاود ارتفاعها عقب إجازة عيد الفطر المبارك، ومع استمرار ارتفاع أسعار النفط وتجاوزها للحاجز النفسي 50 دولاراً أمريكياً للبرميل، فإن النتائج ربع السنوية الثالثة القوية والتوقعات الخاصة بسلسلة أخرى من بيانات الاقتصاد الكلي القوية قد أسفرتا عن رغبة المستثمر القوية في المشاركة في أسواق الأسهم. كما يشهد السوق الرئيسي أيضا فيضاً في السيولة الذي يمكن أن نراه من خلال مستويات الاكتتاب المفرطة القوية في عروض الاكتتاب العام الأولي، ونحن نتوقع أن رغبة المستثمر في المشاركة في الأسواق الرئيسية سوف تكمل الأسواق الثانوية وذلك فيما يتعلق بالزيادة في كمية الأسهم المتداولة في الأشهر المقبلة.
ولقد واصلت سوق الأوراق المالية السعودية ارتفاعه القياسي حيث إنه كان الأكثر نشاطاً في المنطقة من حيث النمو مسجلاً ارتفاعاً بلغ نسبته 11.61 في المائة خلال هذا الشهر. ولقد احتلت سوق الأسهم السعودية أيضاً مركز الصدارة وذلك فيما يتعلق بالمكاسب السنوية وحتى تاريخه التي سجلت نمواً بنسبة 65.84 في المائة حتى شهر أكتوبر من العام 2004. ولقد أحرزت أيضاً سوق الأسهم البحرينية مكاسب شهرية مذهلة بنسبة 4.95 في المائة. إلا ان سوقي قطر وعمان قد سجلا تراجعاً في الأداء خلال هذا الشهر.
من جهةٍ ثانية واصلت أسعار النفط ارتفاعها رافعة مستوى المخاوف بشأن تأثيرها على مسيرة انتعاش الاقتصاد العالمي. وقد ظلت عقود النفط الآجلة للنفط الخام متخطية حاجز 50 دولاراً للبرميل حتى بعد أن انخفضت بما يفوق 4 دولارات للبرميل خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر حتى عقب ان أشار التقرير الذي أصدرته الحكومة الأمريكية إلى زيادة مخزون النفط الأمريكي زيادة هامشية كبيرة وعلى نحو غير متوقع خلال الشهر. ولقد هدأت المسائل حول الإمدادات النفطية بشكل أكبر عقب ان أوضح التقرير الصادر عن إدارة الشؤون الداخلية بالولايات المتحدة تحسن إنتاج النفط في خليج المكسيك الذي ألحق به الضرر مؤخراً بسبب الأعاصير التي حدثت مؤخراً.
وفيما يتعلق بالطلب، فإن الأنباء الواردة حول قيام الصين التي تعد أكبر مستهلك للبترول في العالم، برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ قرابة عقد من الزمان وذلك كجزءٍ من محاولاتها لإنعاش الاقتصاد، قد ساعد على خفض أسعار النفط. غير أنه هناك مخاوف من أن أسعار النفط ربما سوف تواصل ارتفاعها بما أن مخزون نواتج التقطير وزيت التدفئة ما زال منخفضاً في الولايات المتحدة وأوروبا مع بدء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي في الوقت الذي يبلغ فيه الطلب على البترول ذروته، ولقد أوضحت البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية أن إمدادات زيت التقطير الأمريكية متضمنة زيت التدفئة والديزل تقترب من 12 في المائة أدنى من مستوياتها في العام الماضي. ونحن نعتقد بأن هناك احتياطياً محدوداً متاحاً وذلك فيما يتعلق بالطاقة الإنتاجية الفائضة للدول المنتجة للنفط وفي حالة حدوث اضطراب غير متوقع في أسواق النفط العالمية، فإن أسعار النفط سوف ترتفع أكثر مما سوف يضر بالنمو الاقتصادي على مستوى العالم.
إن ارتفاع أسعار النفط ما يزال يبشر بخير جم لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي وهي معرضة لكي تظهر سلسلة أخرى من أرقام النمو الممتازة. فقد شهدت دول مجلس التعاون الخليجي زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وفي الميزان التجاري كنتيجة للزيادة الثنائية في إنتاج النفط ومستويات أسعاره. ولقد أسفرت الزيادة في مستويات ثقة المستهلك والأعمال عن ارتفاع مستويات الإنفاق، كل هذا قد نفذ إلى أداء الشركات مما أدرى إلى تزايد الطلب في الأسواق الثانوية.
ومع ذلك، فمن ناحيةٍ أخرى، لن تستفيد العملات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بقدرٍ كبير من الزيادة في الإيرادات والفائض المالي المتوقعين هذا العام حيث إنها مرتبطة بالدولار وقد عانت من ضعفه، كما أن الفارق بين أسعار النفط الخام النقي وأسعار نفط (الأوبك) قد اتسع مما يعني أن منتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي لم يستفيدوا بالقدر الممكن نتيجة لهذا الارتفاع في أسعار النفط، وهناك أيضاً مخاوف من أن الفائض في الموازنة سوف يؤدي إلى إبطاء إيقاع الإصلاح الاقتصادي في المنطقة. كذلك هناك قلق تجاه أسعار النفط المرتفعة والضعف الشديد للدولار واللذان يمكنهما أن يؤديا إلى ارتفاع التضخم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وربما يسفران عن انخفاض في إنفاق المستهلك.
وأشار إلى أن المستثمرين المتطلعين إلى توجيهات مكاسب المؤسسات على اعتبارها محفزة لزيادة استثمارات الأسهم لم يخيب أملهم. ولقد كانت أسواق الأوراق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي تتنافس بشكلٍ لا يصدق لما يزيد على عامين، فقد بدأت هذه الأسواق تقريباً في الارتفاع منذ شهر نوفمبر قبل عامين بشكلٍ ثابت. وبالطبع، فقد ساهمت العديد من العوامل في هذا النمو الاستثنائي، منها الحرب على العراق، أسعار النفط المرتفعة، وفرة السيولة وأسعار الفائدة المنخفضة. وعلى نفس القدر من الأهمية، وما تجدر الإشارة إليه، أن المكاسب المطلوبة لترسيخ تقييم الأسهم الممتازة قد كانت موجودة جنباً إلى جنبٍ مع مكاسب السوق، وبناءً على ذلك فإن المخاوف من أن السوق قد توقف عن تحقيق نمو في المكاسب تبدو أنها لا أساس لها من الصحة، ففي الواقع استمر نمو الأرباح في التفوق على أداء الأسواق مرة تلو الأخرى.
ولقد استطاعت مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي أن تفعّل ذلك مرة أخرى بالتفوق على ربحية العام الماضي، ولقد ظلت المكاسب استثنائية حتى نهاية شهر سبتمبر من العام 2004م، وخاصة في ضوء النمو الضخم للأرباح في الأعوام الماضية. إن المكاسب التي تم تحقيقها من أسعار النفط المرتفعة خلال ما يقارب العامين بجب أن تستمر لتضفي المزيد على المستوى الجزئي وذلك في هيئة عقود، مشاريع تطوير وبيئة أعمال توسعية.
وعلى المستوى الإقليمي سجلت 182 شركة أرباحاً لمدة تسعة شهور، وذلك بحلول نهاية شهر أكتوبر من العام 2004م، حيث أظهرت نمواً في الأرباح المجمّعة بنسبة ضخمة بلغت 69.8 في المائة على نطاق المنطقة. ومن القطاعات الجديرة بالذكر، برز تفوق قطاع الاتصالات. فقد استطاعت شركات الاتصالات الست المدرجة تحسين أرباحها بنسبة 134.9 في المائة على مدار فترة التسعة أشهر الأولى من العام 2003م. ونحن نعتقد أن تحرير القطاع اقتصادياً وإقليمياً سوف يستمران في مساعدة الشركات على تحسين أرباحها مع مرور الوقت. كذلك أظهرت أيضاً الشركات الصناعية في المنطقة نمواً جدياً بنسبة 98.0 في المائة يدعمه النمو البارز في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وهي إحدى الشركات الصناعية العملاقة في المنطقة التي استحوذت على ما يقارب من ثلاثة أرباع ثقل القطاع. غير أن عدداً من مؤسسات القطاع الكبرى الأخرى مثل صناعات قطر قد لعبت أيضاً دوراً في تعزيز النمو الإجمالي للأرباح، وعلى الرغم من أن البنوك التجارية لم تحتل مراكز الصدارة كقطاع اقتصادي وذلك فيما يتعلق بنمو الأرباح، إلا أنها كانت القطاعات الأكثر استقراراً على مدار الأعوام، ولقد شهدت البنوك نمواً متسارعاً بنسبة 46.8 في المائة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري حيث إن ارتفاع أسعار الفائدة منذ شهر يونيو من العام 2004 يبدو أنه أثبت فاعليته بالنسبة لبعض البنوك الإقليمية.
على الرغم من أن البعض ربما قد يظن أن السباق في الأسواق الإقليمية قد توقف، تشير مكاسب المؤسسات والنمو الاقتصادي إلى احتمال تحقيق أداء قوي في الأشهر الأخيرة من العام 2004 وخلال العام 2005م. وتقود جميع هذه المعطيات إلى إعطاء نظرة إيجابية تصاعدية حول مستقبل أسواق الأوراق المالية الإقليمية.
ولقد واصلت القيمة السوقية لأسواق الأسهم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي الارتفاع وخلال شهر أكتوبر من العام 2004 كاسرة حاجز 450 مليار دولار أمريكي. فقد سجلت القيمة السوقية في نهاية شهر أكتوبر من العام 2004 ما مقداره 450.1 مليار دولار أمريكي مقارنة بمقدار 420.7 مليار دولار أمريكي المسجل في الشهر السابق. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى ارتفاع القيمة السوقية لأسهم سوق الأوراق المالية السعودي التي سجلت زيادة بنسبة 11.65 في المائة خلال شهر أكتوبر بفضل استقرار الأسهم. ولقد شهدت المنطقة ككل تداول 3.69 مليارات سهم خلال هذا الشهر في مقابل 4.55 مليارات سهم في سبتمبر من العام 2004م.
إلا أن عدد الأسهم المتراجعة قد فاق عدد الأسهم المرتفعة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الشهر. فقد حققت المنطقة ككل 149 سهماً مرتفعاً بينما سجل 215 سهماً تراجعاً في سعره. غير أن سوقي البحرين وقطر قد سجلا عدداً من الأسهم المرتفعة فاق عدد الأسهم المتراجعة. ولقد كان أكبر نسبة ارتفاع - تراجع معاكسة والبالغة 0.39 من نصيب سوق دولة الإمارات العربية.
|