المشاهد الصباحية لأول أيام العيد توحي لك بأن الناس قد قرروا أن يطهِّروا دواخلهم وقلوبهم من كل شوائب العلاقات ونزعات الخلافات بكل أصنافها، عناق ومصافحات وتنقلات هنا وهناك للمعايدة، وهواتف ورسائل إلكترونية بالمئات، وصور جميلة واستقبالات حافلة كريمة وموائد وحلوى وعطور وبخور، كلها في احتفالية تدعو للتفاؤل بحب ووئام وارف يسود الجميع.
تنتهي أيام البهجة والمجاملة لتكتشف أن البعض كان يؤدي دوراً تمثيلياً وعملاً آلياً روتينياً، وواجباً يخجل من التقاعس في إكماله أمام الأسرة والمجتمع فيعود تلقائياً لخلافاته ومشاكساته ودعاويه المعتادة مع هذا وذاك في استمرارية للممارسات البغضائية العدوانية، وربما لمجرد حقد على كل من له علاقة به لا لشيء سوى عقد وأمراض مخزونة في نفس مريضة كان يمكن علاجها وتزكيتها وتطهيرها خلال عبادات شهر الصوم الكريم ومن ثمَّ مراسم العيد السعيد التي تفتح نوافذ الفرح والأمل بسعادة عامة للجميع كان يجب استثمارها بنيَّة صادقة لنبذ كل خلاف بين الأطراف وفتح صفحات ناصعة لحب وتعاون دائمين.
الأمر يتطلب شجاعة وعزيمة قوية تحدوها النفوس الكبيرة التي تأبى التقهقر أمام المكارم ولا يرضيها إلا الإقدام على مكارم الأخلاق، والشجاع النبيل هو من يقتنص سويعات وأيام العيد السعيد المبارك ليظهر كل إمكاناته وقدراته على التعايش الودي مع الجميع حتى مع الخصوم، ويعلِّمهم درساً في هذا التسابق للمكارم، فإن استوعبوه دامت المحبة، وإن لم يكونوا كذلك فإنه شجاع مقدام أدى ما عليه والسلام.
|