يبدو أن العالم لن يرى سوى القليل مما يحدث في مدينة الفلوجة منذ أكثر بقليل من أسبوعين من القتال وأكثر من سبعة أشهر من الحصار والقصف الجوي، غير أن النزر اليسير الذي يتسرب من هذه المدينة يشير إلى أهوال لم يرها العالم من قبل، وفق ما جاء على لسان أحد زوار المدينة، فالمشهد الذي بثته محطة فضائية أمريكية عن إقدام جندي أمريكي على قتل جريح في أحد مساجد الفلوجة يعطي فكرة عما يحدث.
الرجل الجريح كان يستغيث بمن حوله من جنودٍ أمريكيين لكن أحدهم عاجله بعدة طلقات في تصرفٍ يتنافى مع قواعد الحروب والقوانين الدولية تجاه الأسرى، إذ إن كل جريح لا يشكل خطراً لا يعتبر معادياً وبالتالي فإن القوانين الدولية تحرّم قتله.
غير أن جرائم الحرب ترافق هذه الحرب اللعينة في الفلوجة، فالأمر يتعلق منذ البداية بالقتل المستمر للمدنيين تحت زعم استهداف المقاومة العراقية وذلك بأسلوب عسكري لا يضع أي اعتبار للسكان ويتجاوز مجرد وجودهم ليتحدث عن المقاومة، إذ لا يهتم المحتلون بهدم منزلٍ على رؤوس سكانه لمجرد الاشتباه في وجود عناصر من المقاومة فيه، والأسلوب المتّبع من قِبل الجيش الأمريكي يعكس جانباً كبيراً من اللامبالاة تجاه المدنيين من خلال التركيز على عدم إصابة الجنود الأمريكيين ودون الاهتمام بما يحل بالمدنيين ومنازلهم وممتلكاتهم، وذلك يفسر حجم الدمار الهائل الذي لحق بمنازل ومساجد المدينة وقبل ذلك العدد الكبير من القتلى في أوساط المدنيين.
وتبقى الكثير من جرائم هذه الحرب دون شهود، حيث حرص المحتلون على إبعاد محطات التلفزة، إلا القليل منها، عما يدور، ومع ذلك فإن اللقطات التي يمكن اقتناصها تظهر قدراً كبيراً من الفوضى المتمثلة في الجثث المتحللة،
فيما قال شهود عيان تحدثوا لبعض المحطات عن جرحى ينزفون حتى الموت, وعن أناسٍ يهيمون على وجوههم بحثاً عمن يسعف جريحاً أو بحثاً عن لقمة عيش تقيهم الجوع.
|