* الرياض - الجزيرة:
في الوقت الذي بات فيه من المؤكد نشوء ونجاح وتطور سوق مالي إسلامي ضخم يعمل على جذب رؤوس الأموال العربية والإسلامية الموجودة في العالم وأن يكون السوق المالي الإسلامي مركزا ماليا مهما له صفة الاستدامة وعدم التعرض للهزات والانهيارات التي تعرضت لها الأسواق العالمية ولديه القدرة على جذب رؤوس أموال من القطاعات غير المستهدفة من المؤسسات المالية والمصرفية التقليدية، أكد تصنيف صادر عن وكالة انفستورز سيرفس العالمية للتصنيف الائتماني أن المصارف الإسلامية باتت في وضع يؤهلها لمواجهة التحديات في القطاع المصرفي إلا أن زيادة انتشارها في العالم الإسلامي تحتاج إلى استراتيجية محكمة للعمل في ظروف محلية وعالمية، كما أكدت تقارير صادرة عن البنك الإسلامي للتنمية في جدة على أن المصارف الإسلامية مرشحة للاستحواذ على ما نسبته 40 إلى 50% من الادخارات الإسلامية العالمية في السنوات العشر المقبلة، في حين تشير بيانات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى أن عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بلغ 267 خلال عام 2001 بحجم اصول بلغ 262 مليار دولار فقط وبمعدل نمو وصل إلى 23%.
ولعل أبرز مثال على هذا ما كشف عنه أول بنك إسلامي في بريطانيا عن وجود خطة لدى البنك لتوسيع نشاطه إلى بقية دول أوروبا في غضون عامين أو ثلاثة أعوام من عمله في المملكة المتحدة حيث يتجه إلى فتح 15 فرعا في المدن والمناطق البريطانية في غضون 18 شهرا المقبلة، حيث تفيد الدراسات والأبحاث التي أجريت مؤخرا إلى أن المسلمين في بريطانيا وأوروبا يعانون الحرمان في الحصول على الخدمات المصرفية والمالية التي تتفق مع الشريعة الإسلامية.
هذا ويسعى البنك إلى استقطاب نحو 75% من المسلمين في بريطانيا في الوقت الذي لم تحصر فيه خدمات البنك بمجموعة عرقية أو دينية معينة، على الرغم من أن أكثر من 75% من المسلمين في بريطانيا ملتزمون بالقواعد المالية والإسلامية وراغبون في الحصول على الخدمات المصرفية وفق هذه القواعد.
هذا وتدعو الدراسات الحديثة حول قطاع المال الإسلامي إلى ابتكار أساليب حديثة للتمويل تواكب التطورات المصرفية من خلال استحداث أدوات مالية جديدة تتصف بسرعة التداول والشفافية والالتزام بالمعايير الدولية التي تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى أهمية إجراء تقويم دوري لوسائل التمويل الإسلامية لحداثة تجربة المصارف الإسلامية وتشكيل هيئة فتوى شرعية عالمية تكون توجيهاتها ملزمة شرعيا لجميع المصارف لملاءمة العمل المصرفي الإسلامي مع احتياجات المرحلة القادمة، وتطرح هذه الدراسات التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية والمتمثلة بعدم وضوح أو حسم موقف الهيئات الدينية الرسمية من قضية الفائدة والربا في بعض الدول وإلزام المصارف بالاحتفاظ بنسبة من ودائعها لدى المصارف المركزية وعدم التزام القوانين المنظمة للنشاط المصرفي بالشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بمخاطر النوافذ الاستثمارية في البنوك التقليدية التي تمارس أعمال الصيرفة الإسلامية وقلة الكوادر البشرية المؤهلة وانخفاض درجة الشفافية في عمليات المصارف الإسلامية ونتائجها.
ومن جهة أخرى وتحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة رفعت دائرة الطيران المدني في امارة دبي قيمة الصكوك العامة التي تصدرها من 750 مليون دولار إلى مليار دولار وذلك بسبب الإقبال الشديد على الاكتتاب فيها، مما يجعله اكبر إصدار صكوك إسلامية حتى الآن، وسوف تستخدم أموال الاكتتاب لتمويل توسعة مطار دبي الدولي بقيمة 4200 مليون دولار، وتلقت الدائرة تأكيدات والتزامات بالاكتتاب بقيمة 1200 مليون درهم من بنوك في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن شركات تأمين ومستثمرين في أوروبا وآسيا، وسجل الإصدار سعرا يزيد على 45% على سعر الإقراض المتداول بين البنوك، كما حدث مع إصدار وكالة البحرين للنقد (البنك المركزي) عندما اصدرت صكوكا بقيمة 250 مليون دولار وصكوك الدوحة بقيمة 700 مليون دولار في عام 2003.
وتعتبر الصكوك إحدى وسائل الاكتتاب للوصول إلى الأسواق واكتسبت هذه الوسيلة شعبية متزايدة من جهات تمويل المشروعات، فقد اكتمل الاكتتاب بالكامل في صكوك منتجع درة البحرين بقيمة 120 مليون ولار، وهو مشروع مشترك بين وزارة المالية والاقتصاد الوطني البحرينية ودار التمويل الكويتية وغالبية الشركات التي اكتتبت في داخل المنطقة والمتوقع صدور التسعير في نهاية نوفمبر الجاري، ومن المتوقع صدور صكوك أخرى من دائرة دبي للطيران المدني في المراحل التالية لتوسيع المطار، في حين تعتزم دبي للاستثمارات ايضا إصدار صكوك مالية إسلامية.
فمن جهتها تطرح شركة دبي للاستثمار صكوكا إسلامية بقيمة 400 مليون درهم لتطوير المرحلة الثانية من مجمع دبي للاستثمار والذي يقع على مساحة 5 ملايين متر مربع، نهاية العام الجاري ومتاحة للمستثمرين الأجانب، وقد وقعت الشركة اتفاقا مع شركة الإمارات للخدمات المالية لتولي إدارة الصكوك، وستحصل على أفضل خيار للتمويل من خلال طرح الصكوك، بعد أن حصلت على فترة سماح للسداد تتراوح ما بين 7 إلى 8 سنوات، وقد تلقت الشركة طلبات من عدة شركات صناعية للعمل في المجمع الذي سيتم اختصار مراحله الخمس إلى مرحلة واحدة.
|