* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور:
هل هان الدم الفلسطيني على أبنائه؟ هل تباعدت مساحات التفاهم بين الفصائل والتنظيمات الفلسطينية المختلفة؟ وهل بغياب عرفات غاب صمام الأمان الذي كان يمثله ويؤكد على تحريم الدم الفلسطيني مهما كانت الأسباب؟.. هذه التساؤلات اكتسبت شرعية ظهورها بعدما تعرض له محمود عباس أبو مازن الذي خلف عرفات في رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأبرز المرشحين لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية وسواء كان الذي جرى في غزة لأبو مازن هو محاولة اغتيال أو مجرد ارتباك أمني أدى إلى إطلاق نار عشوائي في سرادق العزاء إلا أن ماحدث يحمل مؤشرات خطيرة ويطرح التساؤلات عن مصير الداخل الفلسطيني.ويرى المراقبون أن ما جرى يعكس واقع الفجوة بين أجهزة السلطة الفلسطينية من ناحية والفصائل والعناصر المسلحة ذات الولاءات. محذرين من تحول السلطة الفلسطينية في المرحلة القادمة إلى أداة للقتل والترويع بحجة ضبط الأمن والنظام فالتعامل الأمني لن يحل المشكلة ولكن يجب أن تكون هناك معالجة سياسية جذرية تتعاطى مع كل المخاوف من تداعيات رحيل عرفات ويؤكد المراقبون أن المرحلة القادمة تزدحم فيها التحديات والاختيارات الصعبة والمتشابكة والمتزامنة ويرى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الفراغ السياسي الذي تركه عرفات في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية يجب ملؤه وأيضا ضرورة الإسراع بعقد الانتخابات العامة بدءا من مستوى مجالس القرى والمدن حتى مستوى البرلمان المركزي , ويرتبط ذلك كله إلى حد بعيد بسحب القوات الإسرائيلية من المناطق التي كانت انسحبت منها تنفيذا للمرحلة الأولى من اتفاق أوسلو , وواي ريفر أما قضية الصراع على السلطة والقيادة يجب نقلها من الجيل المؤسس لحركة فتح ومنظمة التحرير إلى جيل جديد سجل لنفسه شرعية متميزة عبر قيادة الانتفاضة الأولى والثانية توافق وشعبية ومن جهته يرى محمد السيد سعيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ضرورة إعلاء قيمة الاستقرار والأمن ما بين الفلسطينيين وحساب حاجة المجتمع الفلسطيني لضمان حد أدنى من الاستقرار وبسرعة كافية وسط زخم هائل من المتغيرات أو عاصفة من التحولات الدولية والاقليمية غير المضمونة التي تنعكس على الفلسطينيين غير أنه يجب الاعتراف أيضا بأنه لم تتح الفرصة للمجتمع بكل قواه وأطرافه لمناقشة أسئلة المصير بصورة تتفق مع رؤية عامة طويلة المدى تأخذ الواقع بعين الاعتبار ولكنها تتحرك لتمكين الشعب من التوصل إلى أفضل مسار ممكن لمستقبله السياسي ويضيف السعيد أنه في المرحلة الانتقالية يجب تأمين وتفعيل الحوار الداخلي بين مختلف التيارات والأخذ بعين الاعتبار انسجام التشكيلة القيادية الجديدة وتمتعها بشعبية كافية وهذا الأمر هو الذي ينقص القيادات التي تولت السلطة بعد عرفات غير أن توافر التوافق والشعبية في القيادة الجديدة يضمن انتقالا سريعا وأمنا نسبيا , ويجهض أي محاولة لإحداث انقلابات سياسية بوسائل عنيفة لأنه من الصعب تصور أوضاع جيدة ما لم يكون هناك توافق على مستقبل القضية الفلسطينية.
|