Tuesday 16th November,200411737العددالثلاثاء 4 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

28 محرم 1392هـ الموافق 14-3-1972م العدد 382 28 محرم 1392هـ الموافق 14-3-1972م العدد 382
مع التحية لسعد إبراهيم
بقلم: المحرر الرياض

كثيراً ما تكون العزلة هي من نسيج الفنان.. إذ يصر على التشبث بلون معين.. متخذا بذلك حجة إيجاد لون معين تعتبر في نظره مدرسة حديثة لمدارس الفن، ولا سيما، ونحن نجد أن معظم فنانينا لهم طابع خاص يجعلك منذ الوهلة الاولى وعند سماع (مازورة) خاطفة تعرف شخصية صاحبه.. كعبد الله محمد وفوزي محسون وجميل محمود، كذلك يأتي فناننا الأستاذ سعد ابراهيم كصاحب لون فريد.. فرض على فنه قيوداً كبلته في داخل إطار ضيق ومحدود.. بقي فيها سعد إبراهيم كالتائه في سلم حلزوني.
والشيء الذي يشدني الى هذا النقاش هي البداية الطيبة التي سار عليها فناننا سعد ابراهيم كبداية مدروسة حققت له شهرة كبيرة كانت محط إعجاب الكثير منا استهلها بأغنيات أحاطها سعد بسرية التسمية، إذ كان يطلق على نفسه لقب فتى الجزيرة.. وعندما اطمأن سعد ابراهيم عل نهجه الفني لما حققته الاغنيات التي بدأ بها مشواره الفني أذكر منها على سبيل المثال (حبيب الروح.. كذلك سماوي.. يازين ياللي.. الا ياعين هلي).
لقد خرج سعد ابراهيم كالمارد.. قوة في اللحن.. وامتيازاً في الاداء.. يدعم ذلك صوت شجي.. فيه رخامة جميلة.. ونبرة مؤثرة.. كل ذلك يتم في فترة وجيزة.. تمكن فيها من دخول ميدان التنافس مع الفنانين الذين سبقوه في ذلك المجال.. اذ استطاع أن يجعل اسمه يقترن بالأسماء الفنية الكبيرة مثل طلال مداح وطارق عبدالحكيم وعبد الله محمد وعمر كدرس آنذاك.. خاصة وأن بداية المشوار جاءت بمنهج فني لا يلقي تنافسا.. اذ كان سعد ابراهيم ذلك الفنان الذي يتغنى بلهجة نجدية.. فيها الاصالة والابداع.. فاستطاع بهذا اللون أن يتخلص من المنافسة إذ كان هناك قلة تمارس ذلك اللون أمثال الفنان (ابوسعود الحمادي) والفنان (السلوم) إلا أن الحمادي كان جديراً بأن يحقق للون الغنائي في المنطقة الوسطى صدى كبيراً اذا أبدع في أغانيه اذكر منها على سبيل المثال (ياناس.. نامت عيون الناس.. حبيب الروح..)
الا ان هذا الفنان أحاطت بظروفه الفنية عوامل جعلته يتنحى عن الفن بعيداً مفسحا المجال أمام موهبة سعد إبراهيم التي أخذت تتأقلم في الفن، وتفرض نفسها كموهبة جديرة بالاهتمام بعد أن دلل على ذلك بأغنية (أجل لولاك.. وأرسل سلامي) وبما تلاها من أغنيات أخذت تتأرجح تارة بمستوى مرض.. وتارة في مستوى رديء، لقد سار سعد ابراهيم، ولكنه لم يتنبه للأسلوب الذي يطمئن طمأنينة سارة.. تمسك بلون واحد.. فأخذ يغترف منه.. حتى كاد ذلك النهر أن ينضب، ان الفن كأي ثروة طبيعية.. متى أهدرت تبدد عطاؤها.. وجفت مصادرها.. فأصبحت موهبة سعد ابراهيم تنذر بالأفول.. والتلاشي.. تحت إصراره على التمسك بلون واحد.. وطريقة واحدة.. قد تكون سببا مباشرا في تقهقر مستواه الفني.. وانطوائية ملامح شخصيته الفنية بأسلوب أصبح والحال هذه أقرب للسأم من التطريب.. فالرتابة المملة في أسلوب أدائه.. وفقر الجمل الموسيقية لديه للكثير من الحركة والإيقاع النابض.. ان الاغنية كاللوحة الفنية.. يضفي عليها اللون عوامل مثيرة ولافتة تجعلها مثار إعجاب الناس واهتمامهم وإلا لما حققت الاغنية النجاح.. ولما سميت أغنية ولبقيت مجرد نوع من الخطابة المنغم.
إنني آمل أن يعي فناننا الكبير سعد ابراهيم ما نقصد بهذه السطور.. فلا يعني حبه للونه.. ومنهجه هذا الاهتمام الذي قد يقعده في حلبة صراع.. بلا منافس.. فما أمر الصراع في النفس.. اذا لم يكن باعثاً.. وحافزاً للبحث عن اسلوب يحطم فيه الفنان سياج العزلة عن فنه.. وليس علينا أن يلجأ الفنان لملحنين آخرين، فالفن ليس وقفا على التلحين.. فالمغني فنان يستطيع أن ينقل انفعالات اللحن.. بل هو المرأة التي تعكس ذلك اللحن بأمانة وصدق.. فتعبر عنه بالصورة التي قد تؤدي فعلها في الجمهور المتذوق.. وما يدور في خلدي الآن وانا على يقين منه بأن الفنان سعد إبراهيم لم يفلس..! بل هو قادر على الابداع والتجديد.. ولكن متى.. سيظل هذا السؤال بلا جواب..؟! الى أن يؤكد هذا الفنان استمرارية ذلك النجاح الذي بدأ به في مستهل دربه.. وبتلك الجودة في (أجل لولاك.. وأرسل سلامي.. وطوف بالطايف) ليس الا محاولة لرد اعتبار وإثبات وجود.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved