أجواء الصيد بالطيور تبدأ بالعيد
الصقور تبحث عن فرائسها في الربع الخالي والصمان

  * الرياض - محمد الفيصل:
* تصوير - حسين حمدي :
الصيد بالصقور عادة قديمة تعود إلى مئات السنين.. وأول من عرفها ومارسها العرب، فإلى جانب الرمح والنبل والكلب كان الصقر يتصدرها في رحلة الصيد مع العربي. فتاريخ الصيد بالصقور يعود إلى سنين غابرة في العصر الجاهلي وأول من أضرى الصقور من العرب الحارث بن معاوية بن ثور، وكما جاء في الرواية أنه كان واقفاً عند أحد الصيادين وهو يضع شباكاً لصيد الطيور فانقض صقر من السماء -في غفلة من الصياد- على أحد تلك الطيور فعندما شاهد الحارث هذا، أمر باصطياد هذا الصقر واستئناسه وتدريبه على الصيد عند استدعاء صاحبه. فعرف الصيد بالصقور بعد تلك الحادثة وصارت هذه الخبرة علماً يتوارثه الأجيال حتى أيامنا هذه.
ومع تقدم التكنولوجيا وتطور الصناعة في جميع المجالات وبالذات فيما يخدم الصيد، اخترعت السيارة واخترعت البندقية فلم يعد للحاجات القديمة أية قيمة واندثر استعمالها مع ظهور هذه الآلات إلا الصقر فقد ظلت هواية الصيد به على أشد ما تكون ولم يزد اختراع هذه الآلات الصيادين إلا زيادة تعلق به.
ومع قرب موسم الشتاء ودخول موسم هجرة الطيور إلى المملكة تنتعش حركة بيع وشراء الصقور في السوق، ما مواصفات الصقر الأصيل، وما أنواعه؟ وما أسعاره؟ وأين المناطق المفضلة في القنص؟ وكيفية تدريب الصقر على هذه الرحلات؟ والعديد من التساؤلات الأخرى. كل هذه الأسئلة ستقوم (الجزيرة) بالإجابة عليها وذلك على ألسنة الصقارين من أهل الخبرة في زيارة قامت بها (الجزيرة) لسوق الصقور بالرياض.
في البداية التقينا فهد ابراهيم الباحوث شيخ الدلالين في المملكة والخليج وأشار إلى أن حركة البيع والشراء في هذه الأيام تكون نشطة جداً وخاصة ان هذه الفترة قبل وقت الشتاء التي يستعد القناصون فيها للذهاب لرحلة الصيد وهذا أكبر سوق للصقور في الشرق الأوسط وتباع فيه أجود وأحسن أنواع الصقور ولكننا في الحقيقة نعاني من مشكلة كبيرة وهي أن موقع السوق القديم كان تحت المواقف في سوق الحمام و بعد ان ألغي صار الوضع أسوأ فأصبحت محلات بيع الصقور مجاورة لمحلات بيع الحب. والمكان الذي يتم فيه التحريج على الصقور ضيق جداً وهو ليس معد لهذا الأمر أصلاً، ولا يوجد مواقف للزبائن ولا مواقف لنا نحن أيضاً!
فهذا شيء محزن في الحقيقة أن يكون أكبر سوق في الشرق الأوسط للصقور والذي يأتيه الزبائن من مختلف الدول الخليجية والعربية ان يكون بهذا الشكل المزري غير اللائق لا بالبائع ولا بالمشتري فنحن نطالب بوضع مكان منظم ومعد خصيصاً لبيع الصقور والتجارة فيها.
وسألنا عن مواصفات الطير الأصيل عن حجمه؟
قال: الطيور تنقسم إلى عدة أنواع منها الحر والشاهين البحري وتكون للطير مواصفات خاصة من ناحية اللون وجودة الريش فالطير الأصيل الأبيض والطير السنجاري الأسود، والأحمر الصافي رأسه كاشف يعني أبيض، أشعث، أشقر، مغتر. فهذه مواصفات تتحكم في سعر الطير وتدل أيضاً على جودته.
أما من ناحية الأحجام فالشاهين البحري الطيب يصل طوله 16 إنش وهذا يصل سعره إلى حوالي 80.000 ريال وبعضها طوله من 15 إلى 15.5 وهذه يصل سعرها من الخمسة والثلاثين ألف إلى أربعين ألف ريال.
وسألنا عن أسعار هذه الطيور وما أعلى حد تصل إليه ومن أين تجلب؟
قال: في الحقيقة إن أسعار هذه الطيور تتراوح بين 8 آلاف ريال وتصل إلى 600 ألف ريال فأعلى طير قد بعته قد وصلت قيمته إلى 650 ألف ريال وهذا مطروح في وادي الدواسر وهو (حر) وبالنسبة لطير المملكة غالٍ جداً وهو يعد من أفضل الطيور في العالم ويختلف عنها فهو لا يعلى عليه أبداً ويختلف عنها من حيث جرأة الصيد والانقضاض على الفريسة. هذا بالنسبة لطير المملكة ولكن هناك أشخاص يجلبون طيورا من مختلف مدن العالم من روسيا، ومن منغوليا، ومن باكستان، ومن الهند.
سألناه: عن الطريقة التي تدخل بها هذه الصقور إلى المملكة وكيفية الخروج من المملكة بهذه الطيور؟
فقال: أما بالنسبة لخروج الطيور من المملكة فهذه ليست فيها أي مشكلة أو قيود أو ضوابط ولكن المشكلة تكمن في عدم السماح للصقور بالدخول إلى المملكة، وهذا منع غريب ولا ندري ما السبب في ذلك فليس هناك عمل روتيني يسمح لدخول الطير إلى المملكة بعد فحصه فنحن نطالب باسمي وباسم الصقارين الموجودين في المملكة بأن يسمح للصقور بأن تدخل المملكة.
سألناه: هل الطير البسيتي الذي سبق أن قنص به يكون أغلى من غيره (الوحش)؟
فقال: الطير البسيتي الذي سبق وأن قنص به صاحبه وكانت ريشته (زينة) فهذا يكون سعره غالياً الذي .
سألناه: عن أكثر زبائن السوق من أي الدول؟
زبائن السوق من خارج المملكة أكثر ما يكونون من دول الخليج قطر، امارات، عمان، ونراهم باستمرار في السوق لأنهم يبحثون عن النوعيات الأصيلة عندنا بالمملكة.
سألناه: عن طريقة بيع الطير وكيف يضمنه المشتري؟
فقال أنا الدلال أكون الوسيط بين البائع والمشتري، فبعد التحريج على الطير وبعد ان يقف على سعر معين يقوم الشخص بشرائه، وأتحمل أنا المسؤولية الكاملة عن هذا الطير الذي تم بيعه بأن يكون يستاهل السعر الذي بيع به وأن يكون من نوعية جيدة، ولابد أيضاً أن يكون الشخص البائع رجلا موثوقا فيه، وأن يكون صادقاً. والمشكلة أنه في بعض الأحيان يكون الشخص الذي اشترى الطير ليس عنده خبرة في معاملة الطير والعناية به فيفسد الطير، ويعتقد أنه طير غير أصيل.
سألناه هل تقوم بتدريب الطيور؟
نعم أقوم أنا وبعض الزملاء بتدريب الطيور ويكون التدريب بالشكل التالي وهو أن يؤتى بحمامة ويربط في رجلها فيعد ويسمي (السبب) ونهد الطير عليها ونقوم بتدريبه على هذا النحو فتكون دعوة الطير التي يتعود عليها من صاحبه فإذا كاد الصقر ان ينقض عليها سحبت الحمامة من أمامه وتكرر هذه العملية عدة مرات إلى ان يتعود الطير على الصيد بأمر صاحبه.
وقد التقينا أيضاً بندر بن مطلق الخامسي القحطاني وهو أحد هواة الصقور والقنص. وقال: إن القنص بالصقور يحتاج إلى خبرة واسعة وإلى علم يمكن الشخص من معرفة أنواع الطيور وفصائلها فلا بد للرجل (القناص) من ان يكون على علم بطباع هذه الطيور وما تحتاجه وكيفية التعامل معها بالشكل الصحيح. فنحن نذهب للقنص كل سنة في وقت الشتاء ونقوم بتدريب الطيور قبل الذهاب لرحلة القنص. فالطيور قد تكون (وحوش) لم يسبق ان قنص بها من قبل وقد تكون قد قنص بها وليس الطير (صائب) ويكون جاهزا للمقناص.
ومن أكثر الأشياء التي تميز الطير الجيد وترفع سعره (ريشته) وشكله ولونه فإذا توافر فيه اللون المطلوب والريشة الممتازة كان مرغوباً وارتفع سعره.
كما أشار إلى المناطق التي يوجد فيها الصيد وهي الربع الخالي وهو يكثر فيه الأرانب والكراوين وتكون في المنطقة من شرق يبسرين بـ 400 إلى 800 كيلومتر حتى تصل منطقة طويد خطام وهي على حدود عمان فكل هذه المنطقة يكثر فيها الصيد.
أما بالنسبة للحبارى فإنه يوجد في المناطق السهلة غير الجبلية ويوجد أيضاً في المنطقة الشرقية في الدهناء بالتحديد والضمان ومن المناطق التي يتواجد فيها الحبارى أيضاً وادي العجمان والزوار.
ونحن نقوم هذه الأيام بتدريب الطيور استعداداً لرحلة الصيد والقنص والتي ستبدأ أن شاء الله في 25 من هذا الشهر.
كما تحدث إلينا يوسف العيوفي أحد الصقارين قائلاً:
إن السوق يبلغ ذروته في وقت الشتاء فوقت دخول الحبارى المملكة عندما يأتي مهاجراً من الخارج في شهر تسعة وشهر عشرة فتنشط الحركة وأغلب الصقارين من الذين يأتون من الخليج يحرصون على فصيلة الشاهين لأن الشاهين التي تطرح في المملكة تعد من أفضل الشاهين بالعالم وأغلاها سعراً فقد يصل سعر الشاهين السعودي إلى 10 أضعاف الشاهين الذي يطرح خارج المملكة ونحن نطمع في الحقيقة إلى أن يوفر لنا سوق خاص بالصقور أفضل من هذا السوق المتهالك الذي لا يفي باحتياجاتنا.